﴿وقالوا﴾ للرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ عند دعوته إياهم إلى الإيمان والعمل بما في القرآن :﴿قلوبنا في أَكِنَّةٍ﴾ أي : أغطية متكاثفة، ﴿وفي آذاننا وَقْر﴾ ؛ صمم وثِقَل يمنعنا من استماع قولك، ﴿ومن بيننا وبينك حجاب﴾ غليظ، وستر مانع يمنعنا من التواصل إليك. و (من) للدلالة على أن الحجاب مبتدى منهم ومنه بحيث استوعب ما بينهما من المسافة المتوسطة، ولم يبق ثمَّ فراغ أصلاً. وهذه تمثيلات لنبو قلوبهم عن إدراك الحق وقبوله، ومج أسماعهم له، كأنَّ بها صمماً وثِقلاً منعهم من موافقتهم لرسول الله ﷺ ثم قالوا :﴿فاعمل﴾ على دينك وإبطال ديننا، ﴿إِننا عاملون﴾ على ديننا، لا نفارقه أبداً.
﴿
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٣٢٩
قُلْ إِنما أنا بشر مثلُكم يُوحَى إِليَّ أَنَّما إِلهكُم إِله واحد﴾
، هذا تلقين للجواب عنه، أي : لستُ من جنسٍ مباينٍ لكم حتى يكون بيني وبينكم حجاب، وتباين مصحح لتباين الأعمال والأديان، كما ينبىء عنه قوله :﴿فاعلم إننا عاملون﴾، بل إنما أنا بشر مثلكم، مأمور بما أُمرتم به من التوحيد، حيث أخبرنا جميعاً بأن إلهنا واحد، فالخطاب في " إلهكم " محكي منتظم للكل، لا أنه خطاب منه ـ عليه الصلاة والسلام ـ للكفرة. وقيل : لمّا دعاهم إلى الإيمان، قالوا : إنا نراك مثلنا، تأكل وتشرب، فلو كنتَ رسولاً لاستغنيت عن ذلك، فأنزل :﴿قل إنما أنا بشر...﴾ الآية.
﴿فاستقيموا إِليه﴾ بالتوحيد وإخلاص العبادة، غير ذاهبين يميناً وشمالاً، ولا ملتفتين إلى ما يُسوّل لكم الشيطانُ من عبادة الأصنام... قال تعالى :﴿واستغفروه﴾ مما كنتم عليه من سوء العقيدة. والفاء لترتيب ما قبلها من إيحاء التوحيد على ما بعدها من الاستقامة، ﴿وويل للمشركين﴾، وهو ترهيب وتنفير لهم عن الشرك إثر ترغيبهم في التوحيد.


الصفحة التالية
Icon