أما العلم الظاهر فإنما يشترط منه ما يحتاج إليه في خاصة نفسه، ويحتاج إليه المريد في حال سفره إلى ربه، وهو القَدْر الذي لا بُد منه، من أحكام الطهارة والصلاة ونحو ذلك، ولا يشترط التبحُّر في علم الشريعة. قال الشيخ أبو يزيد رضي الله عنه : صحبت أبا علي المسندي، فكنت أُلقنه ما يُقيم به فرضه، وكان يعلمني التوحيد والحقائق صِرفاً. هـ. ومن المعلوم أن الشيخ ابن عباد لم يُفتح عليه إلا على يد رجل عامي، وقد تحققت تربية كثير من الأولياء، كانوا أميين في علم الظاهر. وأما علم الباطن فالمطلوب فيه التبحُّر التام ؛ إذ المقصود بالذات في الشيخ المصطلح عليه عند القوم هو هذا العلم ؛ لأن المريد إنما يطلب الشيخَ ليسلكه ويعلمه علم الطريقة والحقيقة ؛ فيكون عنده علم تام بالله وصفاته وأسمائه، ذوقاً وكشفاً، وعلم بآفات الطريق، ومكائد النفس، والشيطان، وطرق المواجيد، وتحقيق المقامات، كما هو مقرر في فنه، وهذا الداعي لا تخلو الأرض منه على الكمال، خلافاً لمَن حكم بانقطاعه. والله تعالى أعلم.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٣٤٥
وفي الإحياء : المقتدى به هو الذي استقام في نفسه، واستنار قلبه فانتشر نوره إلى
٣٤٦
غيره، لا مَن يُظهر خلاف ما هو عليه ليُقتدى به، فإنه مُلَبِّس، لم ينصح لنفسه، فكيف بغيره ؟. هـ.