الإشارة : إذا استولت الغفلة على الناس، وتفرّقت القلوب، يجب على أهل البصيرة النافذة أن يتحركوا لوعظ الناس وتذكيرهم، ولا يلتفتون إلى أهوائهم، وما هو مشغوفون به من حظوظهم. قال تعالى :﴿فلذلك فادع واستقم كما أمرت ولا تتبع أهواءهم﴾ فتدعون الناس إلى التوحيد، وإقامة الشرائع، بامتثال الأوامر، واجتناب المناكر، ثم يدسونهم إلى حضرة الحق، إن رأوا منهم مَن هو أهله، فمَن فعل هذا كان قدره عند الله عظيماً، وجاهه كبيراً. وفي الحديث عن رسول الله ﷺ أنه قال :" والذي نفس محمد بيده ؛ إن شئتم لأُقسمنّ لكم : إِنَّ أحب عبادِ الله إلى الله الذين يُحببون الله إلى عباده، ويُحببون عباد الله إلى الله، ويمشون في الأرض بالنصيحة ". ومن وظيفته أن يقول : آمنتُ بما أنزل الله من كتاب، وما بعث من نبي ووليّ، وأمُرتُ لأعدل بينكم في الوعظ، والنصيحة، وإمداد المدد، لكن يأخذ كل واحد على قدر صدقه وتعظيمه، ثم يقول :﴿الله ربنا وربكم﴾، يخص برحمته مَن يشاء، لنا أعمالنا : ما يليق بنا من عبادة القلوب، ولكم أعمالكم : ما تطيقونه من عبادة الجوارح، لا خصومة بيننا وبينكم ؛ لأن قلوبنا سالمة لكم. الله يجمعُ بيننا وبينكم في الدنيا بجمع متصل، وإليه مصير الكل بالموت والفناء. والذين يُحاجون في الله، أي : يخاصمون في طريق الله، ويقولون : انقطعت التربية، حُجتهم داحضة، وعليهم غضب البُعد، ولهم عذاب الكدّ والتعب.
٣٦٧
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٣٦٦


الصفحة التالية
Icon