على مكاشفة الغيوب، وصيانة العقائد عن الارتياب، وسلامة القلوب عن الاضطراب. ومن لطفه سبحانه : إيهام العاقبة ؛ لئلا يتكلموا أو ييأسوا. ومن لطفه سبحانه بالعبد : إخفاء أجله عليه ؛ لئلا يستوحش إن كان قد دنا أجله. ومن لطفه سبحانه بخواصه : ستر عيوبهم، ومحو ذنوبهم، حتى وصلهم بما منه إليهم، لا بما منهم إليه، فكشف لهم عن أسرار ذاته، وأنوار صفاته، فشاهدوه جهراً، وعبدوه شكراً.
جزء : ٦ رقم الصفحة : ٣٦٨
يقول الحق جلّ جلاله :﴿مَن كان يُريد حرثَ الآخرةِ﴾، سُمِّي ما يعمله العامل مما يبتغي به الفائدة المستقبلة حرثاً، مجازاً ؛ لأن الحرث : إلقاء البذر في الأرض لننظر نتاجه، فأطلقه على العمل، لجامع حصول النتاج، أي : مَن كان يريد بأعماله ثواب الآخرة ﴿نَزِدْ له في حَرْثِه﴾ ؛ نضاعف له ثوابه، الواحدة بعشر إلى سبعمائة فما فوقها، أو : نَزِدْ له في توفيقه وإعانته، وتسهيل سبيل الخيرات والطاعات عليه. ﴿ومَن كان يريد﴾ بأعماله ﴿حَرْثَ الدنيا﴾ وهو متاعها وطيباتها ﴿نُؤْتِهِ منها﴾ أي : شيئاً منها، حسبما قسمناه له، لا ما يريده ويبتغيه، ﴿وما لهُ في الآخرة من نصيبٍ﴾ إذا كانت همته مقصورة على الدنيا. ولم يذكر في عامل الآخرة أن رزقه المقسوم يصل إليه، للاستهانة بذلك إلى جنب ما هو بصدده، من زكاء أعماله، وفوزه في المآب ؛ لأن ما يُعطى في الآخرة يستحقر أن يُذكر معه غيره من الدنيا.