ولينزل بها إلى الخمول والسفليات، وأما شهوة البطن والفرج، فما تشوّفت إليه النفس من ذلك فليمنعها منها كليّاً، وما أتاها من غير حرص ولا تشوُّف فليأخذ منه قدر الحاجة، مع الشكر عيله، هكذا يسير حتى يتحقق وصوله، ويتمكن من معرفة الحق، وحينئذ فلا كلام معه، كما تقدّم، ولا بد من صُحبة شيخ عارف كامل، يلقيه زمام نفسه، فيحمله بهمته، وإلا فلا طاقة على مجاهدتها أصلاً، وجَرَّب ففي التجريب علم الحقائق.
قال القشيري : مَن لم يَسْلك سبيلَ الاتباع، ولم يستوفِ أحكام الرياضة، ولم ينسلخ عن هواه بالكلية، ولم يؤدبَه إمامٌ مُقتدًى به، فهو ينحرفُ في كل وَهْدةٍ، ويهيمُ في كل ضلالة، ويضلُّ في كل فجٍّ، خسرانه أكثر من ربحه، ونقصانه أوفر من رجحانه، أولئك في ضلال بعيد، زِمامُهم بيد هواهم، أولئك أهل المكر، استْتُدرِجُوا وما يشعرون. هـ. وفي الحِكَم :" لا يخاف أن تلتبس الطرق عليك، وإنما يخاف من غلبة الهوى عليك ". فمَن غَلَبَه الهوى غَلَبَه الوجود بأسره، وتصرّف فيه، أحبّ أم كَرِهَ، ومَن غلب هواه غلب الوجودَ بأسره، وتصرّف فيه بهمته كيف شاء.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٧١


الصفحة التالية
Icon