الإشارة : قل الله يُحييكم الحياةَ الفانية، ثم يُميتكم عن حظوظكم، وعن شهود وجودكم، ثم يجمعكم به إلى يوم القيامة، لا يعزلكم عن رؤيته أبداً، ولكن أكثر الناس لا يعلمون أن هذا يقع في الدنيا، مع أن المُلك لله يتصرف فيه كيف شاء، يُوصِّل مَن أراد، ويُبعد مَن شاء. ويوم تقوم الساعة يخسر الباطلون والمبطلون، ويفوز المجتهدون والواصلون. وترى كُلَّ أمة جاثية من هيبة المتجلِّي باسمه القهّار، وهذذ القهرية - نعم - لا ينجو منها خاص ولا عام ؛ لأن الطبع البشري يثبت عند صدمات الجلال. وقوله تعالى :﴿كل أمة تُدعى إلى كتابها﴾ هو أيضاً عام، فيستبشر المجتهدون، ويحزن الباطلون، ولا يظلم ربك أحداً، فاليوم يوم عمل، وغداً يوم جزاء، فأهل الإيقان يفوزون بغاية النعيم والرضوان، وأهل الشك يخلدون في الخسران، فيظهر لهم ما لم يكونوا يحتسبون.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٧٦
٧٨
يقول الحق جلّ جلاله :﴿وبدا لهم﴾ أي : ظهر لهؤلاء الكفرة ﴿سيئاتُ ما عملوا﴾ قبائح أعمالهم على ما هي عليه من الصورة المنكرة الهائلة، وعاينوا وخامة عاقبتها، أو : جزاؤها، فإن جزاء السيئة سيئة مثلها، ﴿وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون﴾ أي : نزل بهم جزاء استهزائهم من العقاب العظيم، ﴿وقيل اليومَ ننساكم﴾ نترككم ترك المنسي، ﴿كما نسيتم﴾ في الدنيا ﴿لقاءَ يومكم هذا﴾ أي : كما تركتم الاستعداد له، ولم تبالوا به. وإضافة اللقاء إلي اليوم إضافة المصدر إلى ظرفه، أي : لقاء الله في يومكم هذا، أو لقاء جزائه، ﴿ومأواكم النارُ﴾ أي : منزلكم، ﴿وما لكم من ناصرين﴾ لا أحد يمنعكم أو يخلصكم منها.


الصفحة التالية
Icon