ورُوي : أن النبيّ ﷺ دخل على أهل الصُّفة، وهم يرقعون ثيابهم بالأدَم، ما يجدون لها رقعاً، فقال :" أنتم اليوم خيرٌ أم يومَ يغدوا أحدكم في حُلة، ويروح في أخرى، ويُغدا عليه بجفنة ويُراح بأخرى، ويُسترُ بيته كما تُستر الكعبة " ؟ قالوا : نحن يومئذ خير، فقال لهم :" بل أنتم اليوم خير ". وقال عمرو بن العاص : كنت أتغدّى عند عمر الخبزَ والزيتَ، والخبز والخل، والخبز واللبن، والخبز والقديد، وأجلّ ذلك اللحم الغريض، وكان يقول : لا تنخلوا الدقيق، فإنه كله طعامٌ، ثم قال عمر رضي الله عنه : والله الذي لا إله إلا هو، لولا أني أخاف أن تنقص حسناتي يوم القيامة لشاركتهم في العيش! ولكني سمعتُ اللّهَ يقول لقوم :﴿أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها﴾. هـ.
﴿
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٩٣
فاليوم تُجزونَ عذابَ الهُونِ﴾
أي : الهوان، وقرئ به، ﴿بما كنتم﴾ في الدنيا ﴿تستكبرون في الأرض بغير الحق﴾ بغير استحقاق لذلك، ﴿وبما كنتم تَفْسُقون﴾ وتخرجون عن طاعة الله عزّ وجل، أي : بسبب استكباركم وفسقكم. الإشارة : ما زالت الأكابر من الأولياء تتنكب الحظوظ والشهوات، مجاهدةً لنفوسهم، وتصفيةً لقلوبهم، فإنَّ تَتَبُّعَ الشهوات يُقَسي القلب، ويكسِف نور العقل، كما
٩٤
قال الشاعر :
إنَارَةُ العقل مَكْسُوفٌ بطَوْع هَوىً
وعَقْلُ عَاصِي الهَوَى يَزْدَادُ تنْوِيرا


الصفحة التالية
Icon