يقول الحق جلّ جلاله :﴿أَوَ لَمْ يَرَوا﴾ أي : ألم يتكّفروا ولم يعلموا علماً جازماً ﴿أنَّ الله الذي خلق السماوات والأرض﴾ ابتداء من غير مثال يحتويه، ولا قانون يحتذيه، ﴿و﴾ الحال أنه ﴿لم يَعْيَ بخلقهن﴾ أي : لم يتعب ولم ينصب بذلك أصلاً، ولم يعجز عنه، أليس مَن فعل ذلك ﴿بقادرٍ على أن يحيي الموتى بلى﴾ جواب النفي، أي : بلى هو قادر على ذلك، ﴿إِنه على كل شيء قديرٌ﴾ تقرير للقدرة على وجه عام، ليكون كالبرهان على المقصود.
ثم ذكر عقاب مَن أنكر البعث المبرهن عليه، فقال :﴿و﴾ اذكر ﴿يوم يُعرض الذين كفروا على النار﴾ فيقال لهم :﴿أليس هذا بالحق﴾ فالإشارة إلى ما يُشاهدونه من فظيع العذاب، وفيه تهكُّم بهم، وتوبيخ لهم، على استهزائهم بوعد الله تعالى ووعيده، ونفيه بقوله :" وما نحن بمعذبين "، ﴿قالوا﴾ في جواب الملائكة :﴿بلى وربَّنا﴾ إنه لحق، أكدوا جوابهم بالقسم كأنهم يطمعون في الخلاص بالاعتراف بحقيقتهما كما في الدنيا، وأنَّى لهم ذلك ؟ ﴿قال﴾ تعالى لهم :﴿فذُوقوا العذابَ بما كنتم تكفرون﴾ بها في الدنيا، ومعنى الأمر : الإهانة بهم والتوبيخ لهم، نعوذ بالله من موارد الهوان.
الإشارة : تربية اليقين تطلب في أمرين، حتى يكونا كرأي العين : وجود الحق أو شهوده، وإيتان الساعة وقربها، حتى تكون نُصب العين، وتقدّم حديث حارثة شاهداً على إيمانه، حيث قال :" وكأني أنظر إلى أهل الجنة يتزاورون... " الحديث.
١٠٢
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٠٢