جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٠٦
ذلك بأن الذين كفروا اتَّبعوا الباطلَ وأنَّ الذين آمنوا اتَّبعوا الحق من ربهم} أي : ذلك الأمر، وهو إضلال أعمال أهل الكفر، وتفكير سيئات أهل الإيمان، وإصلاح شأنهم ؛ كائن بسبب اتباع هؤلاء الباطلَ ؛ وهو الشيطان، حيث فعلوا ما فعلوا من الكفر والصد، واتباع هؤلاء الحق، وهو القرآن، أو ما جاء به ﷺ، أو يراد بالباطل : الزائل الذاهب من الدّين الفاسد، وبالحق : الدين الثابت، أو يراد بالباطل : نفس الكفر والصد، وبالحق : نفس الإيمان والأعمال الصالحة.
﴿كذلك﴾ أي : مثل الضرب البديع ﴿يضرب اللّهُ﴾ أي : يُبين ﴿للناس أمثالهم﴾ أي : أحوال الفريقين، وأوصافهما، الجارية في الغرابة مجرى الأمثال، وهو اتباع الأولين الباطلَ، وخيبتهم وخسرانهم، واتباع الآخرين الحقَّ، وفوزهم وفلاحهم، والضمير راجع إل الناس، أو إلى المذكورين من الفريقين، على معنى : أنه يضربُ أمثالهم لأجل الناس ليعتبروا بهم، وقد جعل اتباع الباطل مثلاً لعمل الكافرين، واتباع الحق مثلاً لعمل المؤمنين، أو جعل الإضلال مثلاً لخيبة الكفار، وتكفير السيئات مثلاً لفوز الأبرار. الإشارة : الذين كفروا بوجود الخصوصية، وصدُّوا الناسَ عنها ؛ أبطل سيرهم إليه، فكلما ساروا رجعوا، والذين آمنوا الإيمان الكامل واتعبوا السنّة النبوية، ستر مساوئهم، وأصلح شأنهم، حتى صلحوا لحضرته. قال القشيري : الذين كفروا : امتنعوا، وصدُّوا : مَنَعوا، فلامتناعهم عن الله استوجبوا العقوبة، ولمنعهم الخلق عن الله استوجبوا الحَجْبَةَ. ثم قال في قوله :﴿وأصلح بالهم﴾ فالكفر للأعمال مُحْبطٌ، والإيمان للخلود مُسْقِط، ويقال : الذين اشتغلوا بطاعة الله، ولم يعملوا شيئاً مما خالف اللّهَ - فلا محالة - يقوم الله بكفاية أشغالهم. هـ.


الصفحة التالية
Icon