﴿يا أيها الذين آمنوا إِن تنصروا اللهَ﴾ بنصر دينه وإظهار شريعة نبيه ﴿ينصركمْ﴾ على عدوكم، ويفتح لكم، ﴿ويُثبت أقدامكم﴾ في مواطن الحرب ومواقفها، أو على محجة الإسلام، ﴿والذين كفروا فتعساً لهم﴾ أي : فيقال : تعساً لهم، والتعس : الهلاك، أو السقوط والانحطاط، أو العثار، أو البُعد. وقال ابن السكيت : التعس : أن يجر على وجهه. هـ. أي : أتعسهم الله تعساً، أي : أهلكهم وأبعدهم. وقال ابن عباس :" في الدنيا
١٠٩
بالقتل والأسر، وفي الآخرة بالتردي في النار ". والمراد بالذين كفروا عام، وقيل : المراد مَن يضاد الذين ينصرون دين الله، كأنه قيل : إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم، ومَن لم ينصره فتعساً له، فوضع ﴿الذين كفروا﴾ موضع مَن لم ينصره ؛ تغليظاً، فهو وِفقٌ لأسلوب السورة من التقابل المعنوي، فهو عطف جملة على جملة شرطية مثلها، ولذلك دخلت الفاء في خبر الموصول، كما قرره الزجاج. انظر الطيّبي. هـ. من الحاشية. ﴿وأضَلَّ أعمالَهم﴾ أي : أحبطها وأبطلها.
﴿
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٠٨
ذلك﴾
التعس والإضلال ﴿بأنهم كَرِهوا ما أنزلَ اللّهُ﴾ من القرآن ؛ لما فيه من التوحيد ؛ وسائر الأحكام، المخالفة لما ألفوه واشتهته أنفسهم الأمّارة بالسوء، ﴿فأحْبَط﴾ لأجل ذلك ﴿أعمالَهم﴾ التي كانوا عَمِلُوها، من صلة الأرحام وغيرها.
الإشارة : نهايةُ الجهاد الأصغر : وضعُ الحرب أوزارَها بالإسلام أو السّلم، ونهاية الجهاد الأكبر : استسلامُ النفس وانقيادها لما يُراد منها، أو موتها بالغيبة عنها بالكلية. قال بعض العارفين : انتهى سير السائرين إلى الظفر بنفوسهم، فإن ظفروا بها وصلوا. هـ. فالإشارةُ بقوله :﴿إذا لقيتم الذين كفروا...﴾ الخ إلى قتل الهوى والشطيان وسائر القواطع، حتى إذا أثخنتموهم فشُدُّوا وثاقهم، ولا تأمنوا غائلتهم.


الصفحة التالية
Icon