واللّهُ يعلم متقلَّبكم ومثواكم} أي : يعلم متقلبكم في الدنيا، فإنها مراحل لا بد من قطعه، ويعلم مثواكم في العقبى ؛ فإنها مواطن إقامتكم، فلا يأمركم إلا بما هو خير لكم فيهما، فبادِروا إلى الامتثال لما أمركم به، فإنه المهم لكم، أو : يعلم متقلبكم : في معايشكم ومتاجركم، ومثواكم : حيث تستقروا في منازلكم، أو متقلبكم : في حياتكم، ومثواكم : في القبور، أو : متقلبكم : في أعمالكم الحسنة أو السيئة، ومثواكم : من الجنة أو النار، أو : يعلم جميع أحوالكم فلا يخفى عليه شيء منها، فمثله حقيق بأن يُخشى ويُتقى ويُستغفر. الإشارة : قال القشيري : قال تعالى لنبيه ﷺ :﴿فاعلم أنه لا إِله إلا الله﴾ وكان
١١٩
عالماً، ولكن أمره باستدامة العلم واستزادته، وذلك في الثاني من حاله في ابتداء العلم، لأن العلم أمر، ولا يجوز البقاء على الأمر الواحد، فكل لحظة يأتي فيها علم. ويقال : كان له علم اليقين، فأُمِر بعين اليقين، فأُمِر بعين اليقين، أو : كان له عيه اليقين، فأُمر بحق اليقين. ويقال : قال ﷺ :" أنا أعملكم بالله وأخشاكم له " فنزلت الآية، أي : أُمر بالتواضع. وهنا سؤال : كيف قال :" فاعلم " ولم يقل ﷺ بعدُ : علمتُ، كما قال إبراهيم حين قال له :﴿أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ﴾ [البقرة : ١٣١] ويُجاب : بأن الله تعالى أخبر عنه بقوله :﴿ءَامَنَ الرَّسُولُ﴾ [البقرة : ٢٨٥] والإيمان هو العلم، فإخبارُ الحق تعالى عنه أتم من إخباره عن نفسه بقوله : علمته.


الصفحة التالية
Icon