﴿إِنَّ الذين كفروا وصَدُّوا﴾ الناس ﴿عن سبيل الله وشاقُوا الرسولَ﴾ أي : عادوه ﴿من بعد ما تبيّن لهم الهدى﴾ بما شاهدوا من نعته في التوراة، وبما ظهر على يديه من المعجزات، ونزل من الآيات، وهم بنو قريظة والنضير، أو : المطعمون يوم بدر من رؤساء قريش، ﴿لن يضروا﴾ بكفرهم وصدهم ﴿اللّهَ شيئاً﴾ من الأشياء، أو : شيئاً من الصد، أو : لن يضرُّوا رسولَ الله ﷺ بمشاقته، وقد حذف المضاف ؛ لتعظيم شأنه وتعظيم مشاقته. ﴿وسيُحبط أعمالَهم﴾ أي : مكائدهم التي نصبوها في إبطال دينه تعالى، ومشاقة رسوله ﷺ، فلا يصلون بها إلى ما كانوا يبغون من الغوائل، ولا يُثمرُ لهم إلا القتل والجلاء عن أوطانهم.
الإشارة : قال القشيري : في الابتلاء والامتحان يتبينُ جواهرُ الرجال، فيظهر المخلصُ، ويفتضح الممارق، وينكشف المنافق. هـ. وكان الفُضيل إذا قرأ هذه الآية بكى، وقال : اللهم لا تبلُنا ؛ فإنك إن بلوتنا فضحتنا وهتكت أستارنا. هـ. ويبغي أن يزيد : وإن بلوتنا فأيّدنا، وبالله التوفيق. إن الذين جحدوا وصدُّوا الناس عن طريق الوصول، وخرجوا عن مناهج السنّة، لن يضرُّوا الله شيئاً ؛ فإن لله رجالاً يقومون بالدعوة، لا يضرهم مَن عاداهم، حتى يأتي أمر الله، وسيُحبط أعمالَ الصادّين المعوِّقين، فلا ينهضون إلى الله نهوض الرجال، بشؤم انتقادهم. والله تعالى أعلم.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٢٦
١٢٧


الصفحة التالية
Icon