فتحاً مبيناً} ظاهر الأمر، مكشوف الحال، فارقاً بين الحق والباطل. وقوله تعالى :﴿ليغفر لك اللّهُ﴾ غاية للفتح، من حيث إنه مترتب على سعيه ﷺ في إعلاء كلمة الله، بمكابدة مشاق الحروب، واقتحام موارد الخطوب، أي : جعلنا الفتح على يديك، وبسبب سعيك، ليكون سبباً لغفران الله لك ﴿ما تقدَّم من ذنبك وما تأخَّر﴾ أي : جميع ما فرط منك من ترك الأولى، وما سيقع، وتسميته ذنباً بالنظر إلى منصبه الجليل، وتقدم قريباً تحقيقه. وقول الجلال :" اللام للعلة الغائبة فمدخولها مسبب لا سبب، لا يريد التعليل على حقيقته العقلية، فإنه عليه تعالى محال، وإنما يُريد صورة التعليل، الذي هو حكمة الشيء، وفائدته العائدة على خلقه، فضلاً وإحساناً، فالحِكمُ والمصالح غاية لأفعاله تعالى، ومنافع راجعة إلى المخلوقات، وليس شيء منها غرضاً وعلة غائية لفعله، بحيث يكون سبباً لإقدامِه على الفعل، وعلة غائية للفعل ؛ لغناه تعالى، وكماله في ذاته عن الاستكمال بفعل من الأفعال، وما ورد في الآيات والأحاديث مما يُوهم الغرض والعلة فإنه يُحمل على الغايات المترتبة والحكمة، فاحتفظ بذلك. قاله صابح الحاشية الفاسية. واللائق أن المعنى : إنا فتحنا لك وقضينا لك بأمرٍ عاقبته أن جَمَعَ الله لك بين سعادة الدنيا والآخرة، بأن غفر لك، وأتمّ نعمته عليك وهداك، ونصرك. فاللام لام العاقبة لا لام العلة ؛ فإن إفضال الله على رسوله لا يُعلل ولا يُوازي بعمل. هـ.
١٣٢


الصفحة التالية
Icon