﴿ليُدخل المؤمنين والمؤمنات﴾ اللام متعلق بما يدل عليه ما ذكر من قوله :﴿ولله جنود السماوات والأرض﴾ من معنى التصرُّف، أي : دَبّر ما دَبَّر من تسليط المؤمنين، ليعرفوا نعمة الله ويشكروها، فيدخلهم ﴿جناتٍ تجري من تحتها الأنهارُ خالدين فيها ويُكَفِّرَ عنهم سيئاتهم﴾ أي : يُغطّي عنهم مساوئهم، فلا يظهرها لهم ولا لغيرهم. وتقديم الإدخال على التكفير، مع أن الترتيب في الوجود على العكس ؛ للمسارعة إلى بيان ما هو المطلب الأعلى. ﴿وكان ذلك﴾ أي : ما ذكر من الإدخال والتكفير ﴿عند الله فوزاً عظمياً﴾ لا يُقادر قدره ؛ لأنه منتهى ما امتدت إليه أعناق الهمم من جلب نفع ودفع ضر. و " عند الله " : حال من " فوزاً عظيماً " لأنه صفته في الأصل، فلما قُدّم عليه صار حالاً، أي : كائناً عند الله في علمه وقضائه. والجملة اعتراض مقُرِّرٌ لما قبله.
﴿
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٣٣
ويُعذِّب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات﴾
لِما أغاظهم من ذلك وكرهوه، وهو عطف على " يدخل "، وفي تقديم المنافقين على المشركين ما لا يخفى من الدلالة على أنهم أحق منهم بالعذاب. ﴿الظانين بالله ظَنَّ السَّوءِ﴾ أي : ظن الأمر السَّوء، وهو ألا ينصر الله رسولَه والمؤمنين، ولا يُرجعهم إلى مكة، فالسَّوء عبارة عن رداءة الشيء وفساده، يقال : فِعْلُ سَوُءٍ، أي : مسخوط فاسد. ﴿عليهم دائرةُ السَّوءِ﴾ أي : ما يظنونه ويتربصونه بالمؤمنين، وهو دائر عليهم وحائق بهم. وفيه لغتان : فتح السين وضمها، كالكَره والكُره، والضَّعف والضَّعف، غير أن المفتوح غلب عليه أن يُضاف إليه ما يُراد ذمّه من كل شيء، وأما السُوء فجارٍ مجرى الشيء الذي هو نقيض الخير، أي : الدائرة التي يذمونها ويسخطونها دائرة عليهم، ولاحقة بهم، {وغَضِبَ اللّهُ عليهم ولعنهم وأعدَّ لهم
١٣٤


الصفحة التالية
Icon