يقول الحق جلّ جلاله :﴿سيقول المخلِّفون﴾ المذكورون آنفاً ﴿إِذا انطلقتم إِلى مغانمَ﴾ أي : مغانم خيبر ﴿تأخذونها﴾ حسبما وعدكم الله بها، وخصَّكم بها، عِوض ما فاتكم من مغانم مكة. و ﴿إذا﴾ : ظرف لما قبله، لا شرط لما بعده، أي : سيقولون عند انطلاقكم إلى مغانم خيبر :﴿ذَرونا نتَّبِعكم﴾ إلى خيبر، ونشهد معكم قتال أهلها ﴿يريدون إن يُبدِّلوا كلامَ الله﴾ الذي وعد به أهل الحديبية بأن يخصّهم بغنائم خيبر ولا يشاركهم فيها أحد، فأراد المخلَّفون أن يُشاركوهم ويُبدلوا وعد الله. وكانت وقعة الحديبية في ذي الحجة سنة ست، فلما رجع إلى المدينة أقام بها بقية ذي الحجة، ثم غزا في أول السابعة خيبر، ففتحها، وغنم أموالاً كثيرة، فخصصها بأهل الحديبية، بأمره تعالى، ﴿قل﴾ لهم إقناطاً لهم :﴿لن تتبعونا﴾ إلى خيبر، وهو نفي بمعنى النهي، للمبالغة، أي : لا تتبعونا، أو : نفي محض، إخبار من الله تعالى بعدم اتباعهم وألا يبدّل القول لديه.
﴿كذلكم قال اللّهُ من قبلُ﴾ أي : من قبل انصرافهم إلى الغنيمة، وأنَّ غنيمة خيبر لَمن شهد الحديبية فقط، ﴿فسيقولون﴾ للمؤمنين عند سماع هذا النهي :﴿بل تحسدوننا﴾ أي : ليس ذلك النهي من عند الله، بل تحسدوننا أن نشارككم في الغنائم، ﴿بل كانوا لا يفقهون﴾ كلام الله ﴿إِلا قليلاً﴾ شيئاً قليلاً، يعني : مجرد اللفظ، أو : لا يفهمون إلا فهماً قليلاً ؛ وهو فطنتهم لأمور الدنيا دون الدين، وهو ردٌّ لقولهم الباطل، ووصف لهم بسوء الفهم والجهل المفرط. والفرق بين الإضرابين : أن الأول ردَّ أن يكون حكم الله ألا يتبعوهم وإثبات الحسد، والثاني إضرابٌ عن وصفهم بإضافة الحسد إلى المؤمنين إلى وصفهم بما هو أعظم منه، وهو الجهل وقلة الفقه.
﴿
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٣٩
قل للمخلَّفين من الأعراب﴾ وهم الذين تخلّفوا عن الحديبية :{ستُدْعَوْن إِلى قومٍ
١٣٩