قال الثعلبي، ولمّا فتح النبيُّ ﷺ حصونَ خيبر سمع أهل فدك ما صنع عليه السلام بأهل خيبر، فأرسلوا له يسألونه أن يُسيرَهم ويحقن دماءهم، ويخلُّوا له الأموال، ففعل، ثم صالح أهلَ خيبر، على أن يعملوا في أموالهم على النصف، على أنه إن شاء أجلاهم متى شاء، ففعلوا، فكانت خيبر فيئاً للمسلمين، وكانت فدك خالصة له ﷺ، إذ لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب، ولما اطمأن ﷺ بعد فتح خيبر أهدت له زينب الحارث اليهودية شاة مصليَّة مسمومة، أكثرت في ذراعها السم، فأخذ ﷺ الذراع، فأكل منه، ثم كلّمه، فأمسك، وأكل معه بشر بن البراء بن معرور، فمات من ساعته، وسَلِمَ ﷺ حتى قام عليه بعد سنتين، فمات به، فجُمع له بين الشهادة والنبوة.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٤١
ثم قال تعالى :﴿وأُخرى لم تَقْدِروا عليها﴾ أي : وعجّل لكم مغانم أخرى، وهي مغانم هوازن في غزوة حنين. ووصفها بعدم القدرة عليها لما كان فيها من الجَوْلة. ﴿قد أحاط اللّهُ بها﴾ قَدَرَ عليها واستولى، وأظهركم عليها، وهي صفة أخرى لـ " أخرى " مفيدة لسهولة بأسها بالنسبة إلى قدرته تعالى، بعد بيان صعوبة مَنَالها بالنظر إلى حِذرهم. ويجوز في " أُخرى " النصب بفعل مضمر، يُفسره ﴿قد أحاط الله بها﴾ أي : وقضى الله أخرى، ولا ريب في أن الإخبار بقضاء إياها بعد اندراجها في جملة الغنائم الموعودة بقوله :﴿وعدكم الله مغانم كثيرة﴾ فيه مزيد فائدة، وإنما الفائدة في بيان تعجيلها وتأخير هذه. وقال ابن عباس والحسن ومقاتل :﴿وأخرى لم تقدروا عليها﴾ هي فارس والروم. وقال مجاهد : ما فتحوا حتى اليوم. هـ. قلت : بل إلى يوم القيامة وهذا أظهر الأقوال أي : لم تقدروا على أخذها الآن وستأخذونها، ﴿وكان الله على كل شيء قديراً﴾ لأن قدرته تعالى عامة التعلُّق، لا تختص بشيء دون شيء.