الإشارة : إذا اختلط أهل الانتقاد مع أهل الاعتقاد، لا يعم البلاء المعدّ لأهل الانتقاد، ولو تزيّلوا لعذبنا المنكرين عذاباً أليماً، وكذلك إذا اختلط الفجّار مع الأبرار، وغلب جمع الأبرار، لا يعم البلاء، ويُصرف عن الجميع، فلو تزيّل الفجّار لعُذبوا عذاباً أليماً.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٤٤
قال القشيري : قد تكون في النفس أوصاف مستحسنة، تليق بالفيض الألهي، مع أوصاف مذمومة، فلو سلطناكم على إهلاكها بالمرة، لفاتكم ما فيها من الأوصاف الحسنة، فتُصيبكم معرة، ليدخل الله في رحمته بالوصول إلى حضرته من يشاء من النفوس، بتصفية ما فيها من الرذائل. لو تزيّلوا تميز ما يصلح قلعه، كالكبر، والشر، والحرص والحقد، أو ما يصلح تبديله، كالبخل بالسخاء، والحرص بالقناعة، والغضب بالحلم، والجبن بالشجاعة، والشهوة بالعفة، لعذَّبنا النفوس المتمردة عذاباً أليماً، بإهلاكها بالكلية. بالمعنى.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٤٤
يقول الحق جلّ جلاله : واذكر ﴿إِذ جعلَ الذين كفروا﴾ من قريش أي : ألقوا ﴿في قلوبهمُ الحميِّة﴾ أي : الأنفَة والتكبُّر، أو : صيّروا الحميةَ راسخة في قلوبهم ﴿حميةَ الجاهليةِ﴾ بدل، أي : حَميّة الملة الجاهلية، أو الحميّة الناشئة من الجاهلية، ووضع الموصول موضع ضميرهم، إذ تقدّم ذكرهم، لذمِّهم بما في حيز الصلة، وتعليل الحكم به. والجعل بمعنى الإلقاء، فلا يتعدّى إلى مفعولين، أوك بمعنى التصيير، فالمفعول الثاني محذوف، كما تقدّم. و " الذين " : فاعل، على كل حال. ﴿فأنزل اللّهُ سكينتَه على رسوله وعلى المؤمنين﴾ أي : أنزل في قلوبهم الطمأنينة والوقار، فلم يتضعضعوا من الشروط التي شرطت قريش.
١٤٧


الصفحة التالية
Icon