ثم قال :﴿وكَرَّهِ إِليكم الكفرَ والفُسوق والعصيان﴾ ولذلك تحرّجتم عمّا لا يليق مما لا خير فيه مما يؤدي إلى عَنَتِكم، قال ابن عرفة : العطف في هذه الآية تَدَلِّي ؛ فالكفر أشدُّها، والفسوق دونه، والعصيان أخفّ ؛ لصدقه على ترك المندوبات، حسبنا نقل ذلك البغداديون وحمَلوا عليه، ومَن لم يُجب الدعوة فقد عصى أبا القاسم. هـ.
﴿
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٦٠
أولئك هم الراشدون﴾
أي : أولئك المستَثون، أو : المتَّصِفون بالإيمان، المزيّن في قلوبهم، هم السالكون على طريق السّوى، الموصل إلى الحق، أي : أصابوا طريقَ الحق، ولم يَميلوا عن الاستقامة. والرشدُ : الاستقامةُ على طريق الحق مع تصلُّبٍ فيه، من : الرشادة، وهي الصخرة الصماء. ﴿فضلاً من الله ونِعمةً﴾ أي : إفضالاً من الله وإنعاماً عليهم ؛ مفعولٌ من أجله، أي : حبَّب وكرّه للفضل والنعمة عليهم ﴿والله عليمٌ﴾ مبالغ في العلم، فيعلم أحوالَ المؤمنين وما بينهم من التفاضل، ﴿حكيمٌ﴾ يفعل ما يفعل الحكمةٍ بالغة.
الإشارة : إن جاءكم خاطرُ سوء بنبأ سوءٍ فتبيّنوا وتثبّتوا، ولا تُبادروا بإظهاره، خشية أن تُصيبوا قوماً بجهالة، فتظنُّوا بهم السوء، وتقعوا في الغيبة، فتُصبحوا على ما فعلتم نادمين، فالمنافق قلبه على طرَف لسانه، إذا خطر فيه شيء نطق به، فهذا هالك، والمؤمن لسانه من رواء قلبه، إذا خطر شيءٌ نظر فيه، ووَزَنه بميزان الشرع، فإن كان فيه مصلحة نطق به، وإلا ردَّه وكتمه، فالواجبُ : وزن الخواطر بالقسطاس المستقيم، فلا يُظهر منها إلا ما يعود عليه منفعته. ﴿واعملوا أن فيكم رسولَ الله﴾ قد بَيَّن لكم ما تفعلون وما تذرون، ظاهراً وباطناً، ومَن اتصل بخليفة الرسول، وهو الشيخ حكّمه على نفسه، فإن خطر في قلبه شيءٌ يهِمُّ
١٦٢


الصفحة التالية
Icon