والمقسّم عليه قوله :﴿إِنَّ ما تُوعدون﴾ من البعث والجزاء، ﴿لصادقٌ﴾ لوعد صادق، ﴿وإِنَّ الدين﴾ أي : الجزاء على الأعمال ﴿لواقعٌ﴾ لكائن لا محالة. وتخصيص الأمور المذكورة بالإقسام بها رمزاً إلى شهادتها بتحقيق مضمون الجلمة المُقْسَم عليها، من حيث إنها أمور بديعة، مخالفة لمقتضى الطبيعة، فمَن قدر عليها فهو قادر على البعث الموعود، و " ما " موصولة، أو مصدرية، ووصف الوعد بالصدق كوصف العيشة بالرضا. والله تعالى أعلم.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٩٩
الإشارة :﴿والذاريات﴾ : رياح الواردات الإلهية، التي ترد على القلوب، فتذرو منها الأمراض والشكوك والأوهام والخواطر ؛ لأنها تأتي من حضرة قهّار، لا تُصادم شيئاً إلا دفعته، ﴿فالحاملات وِقراً﴾ فالأنفس المطهرة، الحاملة للعلوم والحِكم والمواهب، وِقراً : حِملاً لا حدّ له، ﴿فالجاريات يُسراً﴾ : فالأفكار الجارية في بحار الأحدية، من الجبروت إلى الملكوت، ثم تنزل على عالَم المُلك، تتفنن في علوم الحكمة، في جرياً يُسراً شيئاً فشيئاً، ﴿فالمُقَسِّمات أمراً﴾ : فالأرواح والأسرار الكاملة، التي تقسم الأرزاق المعنوية والحسية، حيث جعل الله لها ذلك بفضله عند كمالها، وهذه أرواح أهل التصرُّف من الأولياء. إنما تُوعدون من الوصول إلينا لَصادِقٌ لمَن صدق في الطلب، وإنَّ الجزاء على المجاهدة بالمشاهدة لواقع. قال القشيري : إن الله تعالى وعد المطيعين بالجنة، والتائبين بالمحبة، والأولياء بالقُربة، والعارفين بالوصلة، والطالبين بالوجدان. ولعلّ مراده بالأولياء عموم الصالحين.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٩٩
يقول الحق جلّ جلاله :﴿والسماءِ ذات الحُبُكِ﴾ ذات الطُرق الحسيّة، مثل ما يظهر على الماء والرمال من هبوب الرياح، وكذلك الطُرق التي في الأكسية من الحرير وغيره، يقال لها : حُبُك جمع حَبيكةٌ، كطريقة وطُرق، أو : جمع حِباك، قال الرَّاجز :