﴿وفي أموالهم حقُّ﴾ أي : نصيب وافر، يُوجبونه على أنفسهم، تقرُّباً إلى الله تعالى وإشفاقاً على الناس، ﴿للسائلِ والمحروم﴾ أي : لمَن يُصرح بالسؤال لحاجة، وللمتعفف الذي يتعرّض ولا يسأل حياءً وتعففاً، يحسبه الناس غنيّاً فيحرم نفسه من الصدقة. وقد تكلم في نوادر الأصول على مَن سأل بالله، أي : قال : أعطني لوجه الله، هل يجب إعطاؤه أم لا ؟ وفي الحديث :" مَن سألكم بالله فأعطوه " قال : وهو مُقيد بما إذا سأل بحق : أي : لحاجة، وأما إذا سأل بباطل - أي : لغير حاجة - فإنما سأل بالشيطان ؛ لأن وجه الله حق. ثم ذكركلام عليّ شاهداً، ثم حديث معاذ :" مَن سألكم بألله فأعطوه، فإن شئتم
٢٠٣
فدعوه "، قال معاذ : وذلك أن تعرف أنه غير مستحق، وإذا عرفتم أنه مستحق، وسأل فلم تعطوه فأنتم ظَلَمة. وأُلحِقَ بغير المستحق مَن اشتبه حاله ؛ لتعليق الظلم على معرفة الاستحقاق خاصة.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢٠٢
وقال النووي في الأذكار : يُكره منع مَن سأل بالله، وتشفَّع به ؛ لحديث :" مَن سأل بالله فأعطوه " قال : ويكره أن يسأل بوجه الله عير الجنة. هـ. وفي حديث المنذري :" ملعونٌ مَن سأل بوجه الله، وملعونٌ مَن سُئل بوجه الله، ثم مَنَعَ سَائِلَهُ ما لم يَسْأَلْ هُجْراً " وقال في كتابه " الأخبار " على قوله عليه الصلاة والسلام :" مَن سألكم بالله فأعطوه " إجلالاً لله تعالى، وتعظيماً، وإيجاباً لحقه. ثم قال : إذ ليس يجب إعطاء السائل إذا كان في معصية أو فضول، فمَن سأل بالله فيما ليس عليه ولا عليك فرضه، فإعطاؤك إياه لإجلال حق الله وتعظيمه، وليس عليك بفرض ولا حتم. انظر تمامه في الحاشية الفاسية.


الصفحة التالية
Icon