﴿وفي أموالهم حق للسائل والمحروم﴾ أي : هم يُواسون مَنْ قصدهم بالحس والمعنى، فيبذلون ما خوّلهم الله من الأموال، للسائل والمتعفف، وما خوّلهم الله من العلوم، للطالب والمعرض، وهو المحروم، فيقصدونه بالدواء بما أمكن ؛ فإنهم أطباء، والطبيب يقصد المريض أينما وجده، شفقةً ورحمة، ونُصحاً للعباد. وبالله التوفيق.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢٠٢
يقول الحق جلّ جلاله :﴿وفي الأرض آياتٌ﴾ دالة على كامل قدرته على البعث وغيره، من حيث أنها مدحوة كالبساط الممهد، وفيها مسالك وفجاج للمتقلبين في أقطارها، والسالكين في مناكبها، وفيها سهل وجبل، وبحر وبر، وقِطع متجاورات، وعيونٌ متفجرات، ومعادن مقنية، ودواب منبثة، مختلفة الصور والأشكال، متباينة الهيئات والأفعال، وهي مع كبر شكلها مبسوطة على الماء، المرفوع فوق الهواء، فالقدرة فيها ظاهرة، والحكمة فيها باهرة، ففي ذلك عبرة ﴿للمُوقنين﴾ الموحِّدين، الذين ينظرون بعين الأعتبار، ويُشاهدون صانعها ببصير الاستبصار.
﴿وفي أنفسكم﴾ آيات وعجائب القدرة ؛ إذ ليس شيء في العالم إلا وفي الأنفس له نظير، مع ما فيه من الهيئات النابعة والمصادر البهية، والترتيبات العجيبة، خَلَقَه نطفة، ثم علقة، ثم مضغة، ثم فصلها إلى العظم والعصب والعروق، فالعظام عمود الجسد، ضمّ بعضها إلى بعض بمفاصل وأقفال رُبطت بها، ولم تكن عظماً واحداً ؛ لأنه إذا ذاك يكون كالخشبة، ولا يقوم ولا يجلس، ولا يركع ولا يسجد لخالقه، ثم خلق تعالى المخ في
٢٠٥


الصفحة التالية
Icon