وقوله تعالى :﴿وفي أنفسكم..﴾ قال القشيري : يُشير إلى أن النفس مرآة جميع صفات الحق، لهذا قال عليه الصلاة والسلام :" مَن عرف نفسه فقد عرف ربه " فلا يعرف أحد نفسه إلا بعد كمالها، وكمالُها : أن تصير مرآةً كاملةً تامة مصقولة، قابلة لتجلِّي صفات الحق لها، فيعرف نسفه بالمرآتية، ويعرف ربه بالتجلِّي فيها، كما قال تعالى :
٢٠٧
﴿سَنُرِيِهِمْ ءَايَاتِنَا فِى الأَفَاقِ وَفِى أَنفُسِهِمْ...﴾ [فصلت : ٥٣] الآية. هـ.
قلت : حديث :" مَن عرف نفسه " أنكره النووي، وقال إنه من كلام يحيى بن معاذ وقد اشتهر عند الصوفية حديثاً، ومعناه حق ؛ فإنَّ مَن عرف حقيقة نفسه، وأنها مظهر من مظاهر الحق، وغاب عن حس وجوده الوهم، فقد عرف ربه وشَهِدَه، فاطلب المعرفة في نفسك، ولا تطلبها في غيرك، فليس الأمر عنك خارجاً، ولله در الششتري في بعض أزجاله، حيث قال :
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢٠٥
وإليْك هو السّيْرُ * وأنْت مَعْنَى الخَيْر * وما دونَك غيْرُ
وقال أيضاً :
يا قاصداً عَيْنَ الْخَبرْ
غطَّاهُ أَيْنَكُ
ارجع لذاتكَ واعْتَبِر
ما ثمَّ غيْرَك
الخيرُ منك والخبَرْ
والسر عندك
وقوله تعالى :﴿وفي السماء رزقكم﴾ قال الورتجبي : وفي سماء صفاتي رزق أرواحكم، من مشاهدة النور، وغذاء العلم الرباني، وما توعدون من مشاهدة الذات وكشف عيانه. هـ.


الصفحة التالية
Icon