﴿ما أُريد منهم من رزقٍ﴾ أي : ما خلقتهم ليَرزقوا أنفسهم، أو واحداً من عبادي، ﴿وما أُريد أن يُطعمون﴾ قال ثعلب : أن يُطعموا عبادي، وهو إضافة تخصيص، كقوله عليه السلام :" مَن أكرم مؤمناً فقد أكرمني ومَن آذى مؤمناً فقد آذاني "، والحاصل : أنه تعالى بيَّن أن شأنه مع عباده متعالياً عن أن يكون كشأن السادات مع عبيدهم، حيث يملكونهم ليستعينوا بهم في تحصيل معايشهم، وتهيئة أرزاقهم، أي : ما أريد أن أصرفهم
٢١٦
في تحصيل رزقي ولا رزقهم، بل أتفضّل عليهم برزقهم، وبما يصلحهم ويعيشهم من عندي، فليشتغلوا بما خُلقوا له من عبادتي.
﴿
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢١٦
إِنَّ الله هو الرزَّاق﴾
أي : يرزق كل مَن يفتقر إلى الرزق، وفيه تلويح بأنه غني عنه، ﴿ذو القوة﴾ ذو الاقتدار، ﴿المتينُ﴾ أي : الشديد الصلب. وقرأ الأعمش " المتِين " بالجر، نعت للقوة، أي : ذو القوة المتينة، وإنما ذكّره لتأول القوة بالاقتدار.
﴿فإِنَّ للذين ظلموا﴾ أنفسهم، بتعريضها للعذاب، حيث كذّبوا الرسولَ ﷺ، أو : وضعوا التكذيب مكان التصديق، وهم أهل مكة، ﴿ذنوباً﴾ أي : نصيباً وافراً من العذاب، ﴿مثل ذنوب أصحابهم﴾ مثل عذاب نظائرهم من الأمم المحكية. قال الزجاج : الذَنوب في اللغة، النصيب، مأخوذ من مقاسمة السُقاة الماءَ بالذنوب، وهو الدلو العظيم المملوء. ﴿فلا يستعجلون﴾ ذلك النصيب، فإنه لاحق بهم، وهذا جواب النضر وأصحابه حين استعجلوا العذاب.
﴿فويلٌ للذين كفروا﴾ وضع الموصول موضع ضميرهم تسجيلاً عليهم بالكفر، أي : فويلٌ لهم ﴿من يومهِمُ الذي يُوعَدون﴾ أي : من يوم القيامة، أو يوم بدر، والأول أنسب لما في صدر السورة الآتية.


الصفحة التالية
Icon