وقوله تعالى :﴿إِن الله هو الرزّاقُ ذو القوة المتين﴾ هذه الآية وأمثالها هي التي غسلت الأمراض والشكوك من قلوب الصدِّيقين، حتى حصل لهم اليقين الكبير، فسكنت نفوسُهم، واطمأنت قلوبهم، فهم في روح وريحان. والأحاديث في ضمان الرزق كثيرة، وأقوال السلف كذلك، وفي حديث أبي سعيد الخدري عنه ﷺ قال :" لو فَرَّ أحدُكم من رِزْقه لتبعه كما يَتْبعه الموتُ " وقال أيضاً عن الله عزّ وجل :" يقول :" يا ابن آدم تفرَّغْ لعبادتي، املأ صدرك غِنىً، وأسُد فقرك، وإلا تفعل موت يدك شُغلاً "، وقال ﷺ :" مَن كانت الآخرة هَمَّه، جعل الله غناه في قلبه، وجمع له شَمْلَه، وأتته الدنيا وهي صاغرة، ومَن كانت الدنيا همه ؛ جعل الله فقرّه بين عينيه، وفرَّق عليه شملَه، ولم يأته من الدنيا إلا ما قُدِّر له ". وقال المحاسبي : قلت لشيخنا : من أين وقع الاضطراب في القلوب، وقد جاء الضمان من الله عزّ وجل ؟ قال : من وجهين : من قلة المعرفة وقلة حسن الظن. ثم قال : قلت : شيء غيره ؟ قال : نعم، إن الله عزّ وجل وَعَدَ الأرزاق وضمِنها، وغيّب الأوقات، ليختبر أهل العقول، ولولا ذلك لكان كل المؤمنين راضين، صابرين، متوكلين، لكن الله - عزّ وجل - أعلمهم أنه رازقهم، وحلف لهم، وغيّب عنهم أوقات العطاء، فمِن هنا عُرف الخاص من العام، وتفاوت العباد، فمنهم ساكن، ومنهم متحرك، ومنهم ساخط، ومنهم جازع، فعلى قدر ما تفاوتوا في المعرفة تفاوتوا في اليقين. هـ. مختصراً. وبالله التوفيق. وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلّم.
٢١٨
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢١٦


الصفحة التالية
Icon