﴿والذين آمنوا﴾ مبتدأ، ﴿واتَّبعتهم ذريتُهم﴾ عطف على ﴿آمنوا﴾، و ﴿بإِيمان﴾ متعلق بالاتباع، والخبر :﴿ألحقنا بهم ذرياتهم﴾ أي : تلحق الأولاد بدرجات الآباء ؛ إذ شاركوهم في الإيمان، وإن قصرت أعمال الذرية عن أعمال الآباء، وكذلك الآباء تلحق بدرجة الأبناء ؛ لتقرّ بذلك أعينهم، فيلحق بعضهم ببعض، إذا اجتمعوا في الإيمان من غير أن ينقص أجر مَنْ هو أحسن عملاً شيئاً، بزيادته في درجة الأنقص، ولا فرق بين مَنْ بلغ مِن الذرية، أو لم يبلغ، إذا كان الآباء مؤمنين. انظر الثعلبي.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢٢٢
وفي حديث ابن عباس :" إذا دخل أهلُ الجنة الجنة، يسأل الرجلُ عن أبويه،
٢٢٢
وزوجته، وولده، فيُقال : إنهم لم يُدركوا ما أدركتَ، فيقول : لقد عملتُ لي ولهم أجمعين، فيؤمر بإلحاقهم به " قال القشيري : ليكمل عليهم سرورهم بذلك ؛ فإنّ الانفراد بالنعمة والقلب مشتغل بالأهل والذرية ينغص العيش، وكذلك مَن يلاحظ قلباً من صديق وقريب ووليّ وخادم، قال تعالى في قصة يوسف :﴿وَأْتُونِى بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [يوسف : ٩٣]. هـ.
قال في الحاشية : وربما يستأنس بما ذُكر في الجملة بقوله :﴿وَمَن يُطِعِ اللَّهِ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم...﴾ [النساء : ٦٩] الآية، وما قيل في سبب نزولها، وكذلك حديث :" المرء مع مَن أحب "، وحال الجنة مما لا يخطر على بال، فيجوز أن يكون الأدنى مع الأعلى بمنازلته معه، مع مباينته له بحقيقته، كما أنّ حَيطة الحق تعالى شاملة للكل، وكل يتعرّف له على قدره، فالكل معه بمطلق التعرُّف، مع تحقُّق التفاوت، وأهل الجنة فيها على حكم الأرواح، وأحكامها لا تكيف، واعتبر بالفروع مع الأصول، مع تفاوتها. والله أعلم. هـ.
والحاصل : أنهم يلحقون بهم في الطبقة، ويتفاوتون في نعيم الأرواح والأشباح، وفي الرؤية والزيادة. والله تعالى أعلم.