جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢٣٢
علَّمه شديدُ القوى} أي : مَلكٌ شديد قواه، وهو جبريل عليه السلام : فإنه الواسطة في إيراد الوحي إلى الأنبياء، ومَن قوته أنه خلع قُرى قوم لوط من الماء الأسود الذي تحت الثرى، وحملها على جناحه، ورفعاه إلى السماء ثم قلبها، وصاح صيحةً بثمود، فأصبحوا جاثمين، وكان هبوطه على الأنبياء وصعوده أسرع من لحظة.
﴿ذو مِرَّةٍ﴾ أي : ذو خصابة في عقله، ورزانة ومتانة في دينه. وأصل المِرة : الشدّة، من مراير الحبل، وهو فتله فتلاً شديداً، أو : ذو حُسن في منظره، ﴿فاستوى﴾ : عطفٌ على " علَّمه " بطريق التفسير، فإنه إلى قوله :﴿ما أوحى﴾ بيان لكيفية التعليم، أو : فاستقام على صورته التي خلقه الله عليها، دون الصورة التي كان يتمثّل بها كلما هبط بالوحي، وذلك أنّ رسول الله ﷺ أحبّ أن يراه في الصورة التي خلقه اللّهُ عليها، وكان ﷺ بحراء، فطلع له جبريلُ من المشرق، وسدّ الأرض من المغرب، وملأ الأفق، فخرَّ رسولُ الله ﷺ، فنزل في صورة الأدمي، فضمّه إلى نفسه، وجعل يمسح الغبار عن وجهه. قيل : ما رآه أحد من الأنبياء في صورته الأصلية إلا النبي ﷺ فإنه رآه فيها مرتين ؛ مرة في الأرض، ومرة في السماء، وقيل : استوى بقوته على ما جعل له من الأمر.


الصفحة التالية
Icon