الإشارة : أقسم اللّهُ تعالى بنجم العلم إذا طلع في أفق سماء القلوب الصاحية، إنَّ هذا القلب الذي طلع فيه نجم العلم بالله، وأشرقت عليه شمسُ الحقائق، لا يَضل صاحبُه ولا يغوى، وما ينطق عن الهوى ؛ لأنه مستغرق في شهود الحق، لا يتجلى فيه إلا الحق، ﴿إن هو﴾ أي : ما يتجلى فيه إلا وحي يُوحى من قِبل الإلهام الإلهي، علّمه شديدُ القوى، وهو الوارد الرباني، ذو مِرةٍ وشدة ؛ لأنه من حضرة قهّار، ولا يُصادم شيئاً إلا دفعه، فاستوى وهو بالأفق الإعلى على من سماء الغيوب، ثم دنا من القلب فتدلّى، فكان من القلب قاب قوسين أو أدنى، فأوحى اللّهُ تعالى بواسطة ذلك الوارد إلى عبده ما أوحى من علوم الحقائق والأسرار، ومن مكاشفات غيوب الأقدار، ما كذب الفؤادُ فيما رأى لأنه حق، لكن قهرية العبودية غيَّبت عنه تعيين وقت وقوعه. ولقد رآه، أي : رأى القلبُ أسرارَ ذات الحق، نزلةً أخرى في عالم الجبروت، الخارج عن دائرة التجليات الكونية، وهي الأسرار اللطيفة، المحيطة في الأنوار الملكوتية والملكية، عند سِدرة المنتهى، وهي شجرة القبضة المحمدية، التي انتهى إليها علم العلماء، وأرواح الشهداء، إذ لا يخرج عن دائرتها أفكار العارفين. عندها جنة المأوى التي يأوي إليها أفكار العارفين وأسرار الراسخين، إذا يغشى السدرة - أي : شجرة الكون - ما يغشى من الفناء والتلاشي عند سطوع شمس الحقائق، ما زاغ بصرُ البصيرة عن شهود تلك الأسرار، وما حجبه عنها أرض، ولا سماء، ولا عرش، ولا كرسي ؛ لتلطُّف تلك العوالم في نظر العارف، وما طغى : وما جاوز العبودية حتى يطمع في الإحاطة بعظمة كنه الربوبية، فإنَّ الإحاطة لا تُمكن، لا في هذه الدار، ولا في تلك الدار، بل يبقى الترقي في الكشوفات، والمزيد من حلاوة الشهود أبداً سرمداً، لقد رأى هذا القلب الصافي من عجائب ربه الكبرى، حيث وسع مَن لم تسعه أرضه ولا سماؤه. وقال الروتجبي بعد كلام : في هذه الآية بيان كمال شرف حبيبه، إذ رآه