﴿أم للإِنسان ما تمنَّى﴾. " أم " : منقطعة، والهمزة للإنكار، أي : ليس للإنسان كل ما يتمناه وتشتهيه نفسُه من الأمور التي من جملتها أطماعهم الفارغة في شفاعة الآلهة ونظائرها، كقول بعضهم :﴿وَلَئِن رُّجِعْتُ إِلَى رَبِّى إِنَّ لِى عِندَهُ لَلْحُسْنَى﴾ [فصلت : ٥٠]، وكَتَمَنِّي بعضُهم أن يكون هو النبي، ﴿فللّه الآخرةُ والأُولى﴾ أي : الدنيا والآخرة، هو مالكهما والحاكم فيهما، يُعطي الشفاعة والنبوة مَن شاء، لا مَن تمناها بمجرد الهوى، وهو تعليل لانتفاء أن يكون للإنسان ما تمنّى، فإنَّ ختصاص أمور الآخرة والأُولى به تعالى مقتضٍ لانتفاء أن يكون للإنسان شيء مما تمنى إلا ان يشاء ويرضى.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢٣٧
الإشارة : هذه الأصنام موجودة في كل إنسان، فاللات : حب اللذات والشهوات الجسمانية الفانية، فمَن كان حريصاً عليها، جامعاً لأسبابها، فهو عابد لها، والعُزى : حب العز والجاه والرئاسة وسائر الشهوات القلبية، فمَن طلبها فهو عبد لها، ومناة : تمني البقاء في الدنيا الدنية الحقيرة، وطول الأمل فيها، وكراهية الموت، فمَن كان هذا وصفه فهو عبد الدنيا، كاره لقاء الله، فيكره اللّهُ لقاءه، فتوجه لهؤلاء العتاب بقوله تعالى :﴿أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى ألكم الذكر﴾ حيث تُحبون ما هو كمال لأنفسكم، ﴿وله الأنثى﴾ ؟ حيث جعلتم هذه الأشياء الحقيرة شريكة لله في استحقاق العبادة والمحبة، تلك
٢٣٨


الصفحة التالية
Icon