يقول الحق جلّ جلاله في بقية ذكر ما في الصُحف الأُولى :﴿وأنَّ إِلى ربك المنتهى﴾ أي : الانتهاء، أي : ينتهي إليه الخلق ويرجعون، إليه كقوله :﴿وَإِلَىَّ الْمَصِيرُ﴾ [الحج : ٤٨] أو : ينتهي علم العلماء إليه ثم يقفون، لقوله ﷺ :" لا فكرة في الرب " أي : كُنه الذات، وسيأتي في الإشارة :﴿وأنه هو أضحكَ وأبكى﴾ أي : خلق الضحك والبكاء، أو : خلق الفرح والحزن، أو : أضحك المؤمنين في الأخرة، وأبكى الكافرين، أو : أضحك المؤمنين في العُقبى بالمواهب وأبكاهم في الدنيا بالنوائب، ﴿وأنه هو أمات وأحيا﴾ أي : أمات الآباء وأحياء الأبناء، أو : أمات بالكفر وأحيا بالإيمان.
﴿وأنه خلق الزوجين الذكرَ والأنثى من نُطفةٍ إذا تُمنَى﴾ : إذ تدفق وتُدفع في الرحم. يقال : منى وأمنى، ﴿وأنَّ عليه النشأةَ الأخرى﴾ الإحياء بعد الموت، ﴿وأنه هو أغنَى﴾ أي : صيّر الفقير غنيّاً ﴿وأَقْنَى﴾ أي : أَعطى القِنْيَة، وهو المال الذي تأثّلته، وعزمت ألاَّ تُخرجه من يدك. ﴿وأنه هو رَبُّ الشِّعْرى﴾ وهو كوكب يطلع بعد الجوزاء في شدة الحر، وكانت خزاعة تعبدها. سنّ لهم ذلك " ابن أبي كبشة " رجل من أشرافهم، قال : لأن النجوم تقطع السماء عرضاً، والشعرى طولاً، ويقال لها : شعرى العبور. انظر الثعلبي. وكانت قريش تقول لرسول الله ﷺ : ابن أبي كبشة، تشبيهاً له ﷺ به، لمخالفته إياهم في دينهم، فأخبر تعالى أنه ربّ معبودهم، فهو أحق بالعبادة وحده.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢٤٦