وإِن يَرَوا} أي : أهل مكة ﴿آيةً﴾ تدل على صدق رسوله ﷺ ﴿يُعرضوا﴾ عن الإيمان ﴿ويقولوا سِحْرٌ مستمر﴾ محكم شديدٌ قويّ، من : المِرّة، وهي القوة، أو : دائم مطّرد. رُوي : أنه لما انشق ؛ قالوا : هذا سحر ابن أبي كبشة ؟ فسلوا السُّفار، فلما قَدِموا سألوهم، فقالوا : إنهم قد رأيته، فقالوا : قد استمر سحره في البلاد، فنزلت. قال البيضاوي : دلّ قوله :﴿مستمر﴾ على أنهم رأوا قبله آيات أخرى مترادفة، ومعجزات سابقة. هـ. أو : مستمر، ذاهب ومارٌّ، يزول ولا يبقى، من : مرّ الشيء واستمر : ذهب.
﴿وكذّبوا واتَّبعوا أهواءَهم﴾ الباطلة، وما زيَّن لهم الشيطان من دفع الحق بعد ظهوره، حتى قالوا : سحرَ القمر، أو : سَحَرَ أعيننا، ﴿وكلُّ أمرٍ﴾ وعدهم الله به ﴿مستقِرٌ﴾ كائن في وقته، أو : كل أمر قُدِّرَ واقع لا محالة يستقر في وقته، أو : كل أمر من الخير والشر يقع بأهله من الثواب والعقاب، وقُرئ " مستقرٍ " بالجر، فيعطف على " الساعة "، أي : اقتربت الساعة وكل أمرٍ مستقر، يعني : أشراطها. ﴿ولقد جاءهم﴾ أي : اهل مكة في القرآن ؛ ﴿من الأنباءِ﴾ من أخبار القرون الماضية، وكيف أُهلكوا بالتكذيب ﴿ما فيه مُزْدَجَرٌ﴾ أي : ازدجار عن الكفر والعِناد، يقول : زجرته وازدجرته، أي : منعته، وأصله : ازتجر، افتعل، من الزجر، ولكن التاء إذا وقعت بعد زاي ساكنة أبدلت دالاً ؛ لأن التاء حرف مهموس، والزاي حرف مجهور. فأبدل من التاء حرف مجهور، وهو الدال ؛ ليناسب الميم.
﴿حكمة بالغةٌ﴾ بدل من " ما "، أو : خبر، أي : هو حكمة بالغة ؛ ناهية في الرشد والصواب، أو : بالغة من الله إليهم، قال القشيري : والحكمة البالغة : الصحيحة الظاهرة الواضحة لمَن فكّر فيها. هـ. قال المحلي : وصفت بالبلاغة ؛ لأنها تبلغ من مقصد الوعظ والبيان ما لا يبلغ غيرها هـ. ﴿فما تُغنِ النُّذُر﴾ شيئاً، حيث سبق القدر بكفرهم، و " ما "
٢٥٢


الصفحة التالية
Icon