يقول الحق جلّ جلاله :﴿ولقد جاء آلَ فرعونَ النُذُر﴾ موسى وهارون، جمعهما لغاية ما عالجا في إنذارهم، أو : بمعنى الإنذار، وصدّر قصتهم بالتوكيد القسمي ؛ لإبراز كمال الإعتناء بشأنها ؛ لغاية عِظَم ما فيها من الآيات، وكثرتها، وهول ما لاقوه من العذاب، واكتفى بذكر آل فرعون ؛ للعلم بأنَّ نفسه أولى بذلك، ﴿كذَّبوا بآياتنا كلها﴾ وهي التسع ﴿فأخذناهم أَخْذَ عزيزٍ﴾ لا يغالَب ﴿مقتدرٍ﴾ لا يعجزه شيء.
الإشارة : النفوس الفراعنة، التي حكمت المشيئة بشقائها، لا ينفع فيها وعظ ولا تذكير ؛ لأنَّ الكبرياء من صفة الحق، فمَن نازع اللّهَ فيها قصمة الله وأبعده.
٢٦١
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢٦١
يقول الحق جلّ جلاله :﴿أكُفاركم﴾ يا معشر العرب : أو : يا أهل مكة ﴿خيرٌ من أُولئِكم﴾ الكفار المعدودين في السورة ؛ قوم نوح وهود وصالح ولوط وآل فرعون، والمعنى : أنه أصابهم ما أصابهم مع ظهور خيريتهم منكم قوةً وآلةً ومكانةً في الدنيا، أو : كانوا أقلّ منكم كفراً وعناداً، فهل تطمعون ألاَّ يُصيبكم مثل ما أصابهم، وأنتم شر منهم مكانةً، وأسوأ حالاً ؟ ﴿أم لكم براءةٌ في الزُبُر﴾ أم نزلت عليكم يا أهل مكة براءة في الكتب المتقدمة : أنَّ مَن كفر منكم وكذّب الرسول كان آمناً مِن عذاب الله، فأمِنتم بتلك البراءة ؟
﴿أم يقولون نحنُ جميعٌ﴾ أي : جماعة أمرنا جميع ﴿منتصِرٌ﴾ ممتنع لا نُرام ولا نُضام، والالتفات للإيذان باقتضاء حالهم الإعراض عنهم، وإسقاطهم عن رتبة الخطاب، وحكاية قبائحهم لغيرهم، أي : أيقولون واثقين بشوكتهم : نحن أولو حزم ورأي، أمرنا مجتمع لا يقدَر علينا، أو : منتصرون من الأعداء، لا نغلب، أو : متناصرون، ينصر بعضُنا بعضاً. والإفراد باعتبار لفظ " جميع ".


الصفحة التالية
Icon