يقول الحق جلّ جلاله :﴿يُغْرَفُ المجرمون﴾ أي : الكفرة ﴿بسيماهم﴾ بسواد وجوههم، وزُرقة عيونهم، أو : بما يعلوهم من الكآبة والحزن. قيل : هو تعليل لقوله :﴿فيومئذ لا يُسأل عن ذنبه إنس ولا جان﴾ أي : لا يُسألون لأنهم معروفون، ﴿فيُؤخذُ بالنواصي والأقدام﴾ أي : يُجمع بين نواصيهم وأقدامهم في سلسلة من وراء ظهورهم،
٢٧٧
وقيل : تسحبهم الملائكةُ، تارة يُأخذ بالنواصي، وتارة بالأقدام، فالجار نائب الفاعل، ﴿فبأي آلاء ربكما تُكَذِّبان﴾ فإنَّ التخويف من هذه الأهوال قبل وقوعها من أجلّ النعم ؛ ليقع الزجر عما يُؤدي إليها.
﴿هذه جهنمُ التي يُكذِّب بها المجرمون﴾ أي : يُقال لهم : هذه جهنم التي كذبتم بها، توبيخاً وعقاباً، ﴿يطوف بينهما وبين حميمٍ آنٍ﴾ أي : بالغ من الحرارة أقصاها، فالحميم : المار الحار، " والآنِ " : البالغ في الحرارة، فهم يُعذّبون بين الحرق بالنار وشرب الحميم الحار. قال كَعْب : إن وادياً من أودية جهنم، يجتمع فيه صديد أهل النار، ينغمسون بأغلالهم فيه، حتى يخلع أوصالهم، ثم يُخرجون منها، وقد أحدث اللّهخ لهم خلقاً جديداً، فيُلقون في النار، فذلك قوله تعالى :﴿يطوفون بينها وبين حميمٍ آنٍ﴾، ﴿فبأي آلاء ربكما تُكَذِّبان﴾، وقد تقدّم تفسير كون هذا نِعماً مراراً.


الصفحة التالية
Icon