﴿متكئين﴾ نصب على الاختصاص، ﴿على رَفْرَفٍ﴾ هو كل ثوب عريض، وقيل : هو الوسائد، والأظهر من الحديث أنه سرير مفروش بثياب خُضر، يركب فيه أهل الجنة، ويسير بهم حيث شاؤوا، وقوله :﴿خُضْرٍ﴾، وصف لرفرف ؛ لأنه مُحلّى بثيابٍ خُضر، والرفرف : إما اسم جنس، أو اسم جمع، واحده : رفرفة. ﴿وعبقريٍّ حِسَانٍ﴾ أي : طنافس، وهي جياد البُسط، كالزرابي وشبهها. والعبقري : منسوب إلى عبقر، تزعم العرب أنه اسم بلد الجن، يسبون إليه كل شيء عجيب. وقال أبو عبيد : هو منسوب إلى أرض يُعمل فيها الوَشي، فينسب إليها كل مبالغ في الوصف، وقال الخليل : كل جليل فاضل نفيس فاخر من الرجال وغيرهم عند العرب عبْقري، ومنه قوله ﷺ في عمر :" فلم أرَ عَبْقريّاً من الناس يَفْرِي فَرْيَه " والمراد به الجنس، ولذلك وصفه بالجمع، ﴿فبأي آلاء ربكما تُكذِّبان﴾ قال النسفي : وإنما تقاصرت صفات هاتين الجنتين عن الأوليين حتى قيل :[ومن دونهما] لأنَّ ﴿مدهامتان﴾ دون ﴿ذواتا أفنان﴾، و ﴿نضّاختان﴾ دون ﴿تجريان﴾، و ﴿فاكهة﴾ دون ﴿من كل فاكهة زوجان﴾، وكذلك صفة الحور والمتّكأ. هـ.
﴿تبارك اسمُ ربك﴾ أي : تنزّه وتقدّس، أو تكاثر خيره. وفيه تقرير لما ذكر في السورة الكريمة من آلائه الفائضة على الأنام، ﴿ذي الجلال﴾ ذي العظمة. وقرأ الشامي بالرفع، صفة لاسم، ﴿والإكرام﴾ لأوليائه بالإنعام.
٢٨٣
قيل : لمَّ ختم تعالى نِعم الدنيا بقوله :﴿ويبقى وجهُ ربك ذي الجلال والإِكرام﴾ ختم نِعم الآخرة بقوله :﴿تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام﴾ وناسب هذا ذكر البقاء والديمومية له تعالى، إذ ذكر فناء العالم، وناسب هنا ذكر ما امتنّ به من البركة، وهي الخير والزيادة، إذ جاء ذلك عقب ما امتنّ به على المؤمنين، وما آتاهم في دار كرامته من الخير وزيادته وديمومته.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢٨٢


الصفحة التالية
Icon