ثُلةٌ} أي : أصحاب اليمين ثلة : جماعة كثيرة ﴿من الأولين﴾، ﴿وثُلة﴾ وجماعة كثيرة ﴿من الآخرِين﴾ فالسابقون كثيرون من الأولين وقليل من الآخرين، وأصحاب اليمين كثيرون من الأولين والآخرين. هذا المتعين في تفسير الآية. والله تعالى أعلم.
الإشارة : أصحاب اليمين هم أهل الحجاب، المحصورون في سجن الأكوان، المحيط بهم دوائر حسهم، من العُبّاد والزُهّاد، والعُلماء بالشرائع، والصالحين الأبرار، وعامة المسلمين. هم في سدر مخضود ؛ كثرة الأعمال المخضودة من شوك الرياء والعجب، المنزهة من الفتور والقصور، وطلح منضود ؛ حلاوة الطاعات، وتحقيق المقامات، وظِلٍّ ممدود ؛ ظل راحة القناعة لمَن أُعطيها، وروح الرضا والتسليم لمَن منحه. وماء مسكوب ؛ عِلْم التوحيد البرهاني أو الإلهامي، وفاكهة كثيرة : حلاوة المناجاة، وظهور الكرامات، ولذة التفنُّن في العلوم الرسمية، لا مقطوعة ولا ممنوعة لمَن رسخ فيها. وفُرش مرفوعة ؛ تفاوت درجاتهم على حسب أعمالهم : إنّا أنشأناهن إنشاءً، لكل فريق مما تقدم، زيادة في عمله، أو علمه، أو زهده، على ما يليق بحاله، فكل صنفٍ له تَرقٍّ في فنه وزيادة في محله. فجعلناهن أبكاراً ؛ لأن كل زيادة تكون جديدة لم يعهدها
٢٩٣
صاحبها، عُرباً يعشقها وتعشقه، أتراباً، تكون على قدر حاله وفهمه وذوقه. هذا لعامة أصحاب اليمين، وهم كثيرون، سَلفاً وخَلفاً.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢٩٢