﴿هذا نُزلُهم﴾ النُزل : هو الرزق الذي يُعدّ للنازل تكرمةً له، ﴿يَوْمَ الدَّينِ﴾ يوم الجزاء، فإذا كان نُزلهم هذا، فما ظنك بعدما استقر بهم القرار، واطمأنت بهم الدار في النار ؟ وفيه من التهكُّم ما لا يخفى.
﴿نحن خلَقناكم فلولا﴾ فلاّ ﴿تُصَدِّقُونَ﴾ تحضيض على التصديق، إمَّا بالخَلق ؛ لأنهم وإن كانوا مصدّقين به إلاّ أنه لمّا كان مذهبهم خلاف ما يقتضيه التصديق فكأنهم مكذّبون به، وإمّا بالعبث ؛ لأنّ مَن خلَق أولاً لم يمتنع عليه أن يَخلق ثانياً.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢٩٤
الإشارة : أصحاب الشمال هم أهل الخذلان من العصاة والجُهال، في سَموم الجهل والبُعُد، ينفذ في مسام أرواحهم وقلوبهم، وحميم الحرص والتعب، والجزع والهلع، وظِلٍّ من يحموم، وهو التدبير والاختيار، لا بارد ولا كريم، أي : ليس كظل الرضا وبرد التسليم، بل هو ظل مشؤوم، حاجب عن شمس العيان، مُوقع في ظل الذل والطمع والهوان. إنهم كانوا قبل ذلك ؛ قبل وقت وصول العارفين مُترفين متنعمين في الحظوظ، منهمكين في الشهوات، وكانوا يُصِرُّون على الحنث العظيم، وهو حب الدنيا، الذي هو
٢٩٥