ولمَّا ذكر دلائل توحيده وقدرته، أمر بتنزيهه عمَّا لا يليق بحاله ؛ لأنّ العقل إذا أدرك الصانع سما إلى درك كنهه، فربما يقع في التشبيه أو التجسيم أو التعطيل، فقال :﴿فَسَبِّح باسم ربك﴾ أي : فنزّه ربك عما لا يليق به أيها المستمع المستدل، فأراد بالاسم المسمى، والباء صلة، أي : نزَّه ربك ﴿العظيم﴾ أو : نزّه ربك ملتبساً بذكر اسمه. والعظيم : صفة للرب، أو للاسم، لأن المراد به المسمى. والله تعالى أعلم.
الإشارة : أفرأيتم أيها المشايخ ما تُمْنون من نُطف الإرادة في قلوب المريدين، أأنتم تخلقونه في قلوبهم حتى تنبت فيها بذرة الإرادة، وتهيج شجرة المحبة، فتُثمر بالمعرفة، أم نحن الخالقون ؟ نحن قدّرنا بينكم الموت، فمنكم مَن يموت الموت الحسي أو المعنوي قبل الوصول، ومنكم مَن يموت بعد الوصول، والموت المعنوي : هو الرجوع عن السير، ولا يكون إلاَّ قبل الوصول، وما نحن بمسبوقين على أن نُبدل أمثالكم، ونُغيّر صفاتكم، فإنّ القلوب بيد الله، وننشئكم فيما لا تعلمون من الجهل والبُعد. ولقد علمتم النشأة الأولى، التي كنتم عليها حال الغفلة والبطالة قبل ملاقاة الرجال، أفلا تذكرون فتشكرون على نعمة اليقظة والمعرفة.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢٩٦