﴿لا يَمسُّه إِلاَّ المُطَهَّرون﴾ أي : الملائكة المنزّهون عن الكدرات الجسمانية، وأوضار الذنوب. هذا إن جعلته صفة لكتاب مكنون، وهو اللوح، وإن جعلته صفة للقرآن ؛ فالمعنى : لا ينبغي أن يمسّه إلاَّ مَن هو على الطهارة مِن الناس، والمراد : المكتوب منه. قال ابن جزي : فإن قلنا إنَّ الكتاب المكنون هو الصحف التي بأيدي الملائكة، فالمطهَّرون يُراد به الملائكة ؛ لأنهم مُطهَّرون من الذنوب والعيوب، وإن قلنا أنَّ الكتاب المكنون هو الصحف التي بأيدي الناس ؛ فيحتمل أن يريد بالمطهرين : المسلمين ؛ لأنهم مُطَهرون من الكفر، أو يريد : المطهرين من الحدث الأكبر، وهو الجنابة والحيض، فالطهارة على هذا : الاغتسال. أو : المطهرين من الحدث الأصغر، فالطهارة على هذا : الوضوء، ويحتمل أن يكون قوله :﴿لا يمسُّه﴾ خبراً أو نهياً، على أنه قد أنكر بعضهم أن يكون نهياً، وقال : لو كان نهياً لكان بفتح السين. والتحقيق : أن النهي يصح مع ضم السين ؛ لأن الفعل المضاعف إذا كان مجزوماً واتصل به ضمير المفرد المذكر ضُم عند التقاء الساكنين، اتباعاً لحركة الضمير، وإذا جعلته خبر ؛ فيحتمل أن يُراد به مجرد الإخبار، أو : يكون خبراً بمعنى النهي، وإذا كان لمجرد الإخبار، فالمعنى : لا ينبغي أن يمسه إلاَّ المطهرون، أي : هذا حقه، وإن وقع خلاف ذلك.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣٠٠