يقول الحق جلّ جلاله :﴿آمِنوا بالله ورسوله﴾ أي : دُوموا على إيمانكم، إن كان خطاباً للمؤمنين، فيكون توطئة لدعائهم إلى ما بعده من الإنفاق وغيره ؛ لأنهم أهل لهذه الرُتب الرفيعة، أو : أَحْدِثوا الإيمان، إن كان خطاباً للكفار، ﴿وأَنفِقوا﴾ أي : تصدّقوا، فيشمل الزكاة وغيرها، ﴿مما جعلكم مستخلفين فيه﴾ أي : جعلكم خلفاء في التصرُّف فيه من غير أن تملكوه حقيقةً، وما أنتم فيه إلاّ بمنزلة الوكلاء والنُواب، فأنفِقوا منها في حقوق الله تعالى، وَلْيَهُنْ عليكم الإنفاق منها، كما يهون على الرجل الإنفاق من مال غيره إذا أَذِنَ له، أو : جعلكم مستخلفين ممن كان قبلكم فيما كان في أيديهم بتوريثكم إياه، وسينقله منكم إلى غيركم، فاعتبِروا بحالهم ولا تبخلوا به، ﴿فالذين آمنوا﴾ بالله ورسوله ﴿منكم وأنفَقوا لهم أجرٌ كبير﴾ لا يُقادر قدره.
٣١٢
﴿وما لكم لا تؤمنون بالله﴾ هو حال، أي : أيّ شيء حصل لكم غير مؤمنين، وهو توبيخ على ترك الإيمان حسبما أُمروا به، بإنكار أن يكون لهم عذر مّا في الجملة، ﴿والرسولُ يدعوكم﴾ ويُنبهكم عيله، ويُقيم لكم الحجج على ذلك، ﴿لتؤمنوا بربكم وقد أخذ﴾ قبل ذلك عليكم ميثاقه في عالم الذر، على الإقرار بالربوبية، والتصديق بالداعي، بعد أن رَكّب فيكم العقول، فلم يبق لكم عذر في ترك الإيمان، أو : أخذ ميثاقه بنصب الأدلة والتمكين من النظر، فانظروا واعتبروا وآمنوا، ﴿إِن كنتم مؤمنين﴾ بأخذ هذا الميثاق، أو : بموجبٍ ما، فإنَّ هذا موجب لا موجب وراءه.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣١٢


الصفحة التالية
Icon