وما لكم ألاَّ تنفقوا مُهجكم وأرواحكم في سبيل الله، ببذلها في مرضاة الله، ولله ميراث السموات والأرض، فيرثكم بأشباحكم وأرواحكم، فمَن بذلها عوّضه دوام الشهود، ومَن بخل بها عقبه حسرة الحجاب، لا يستوي منكم مَن أنفق نفسه وقاتلها قبل ظهور الطريق، مع مَن أنفق وجاهد بعد ظهورها، فالسابقون لم يجدوا أعواناً، والمتأخرون وجدوا أعواناً، وكُلاًّ وعد الله الحسنى الجنة الحسية، وزاد السابقين الجنة المعنوية، جنةَ المعارف. والله بما تعملون خبير، لا يخفى عليه مَن تقدم ممن تأخر. ﴿من ذا الذي يُقرض الله قرضاً حسناً﴾، قال القشيري : هو أن يُقرض وينقطع عن قلبه حُبّ الدارين، ففي الخبر :" خير الصدقة ما كان عن ظهر غنىً ". هـ. فيضاعفه له بالترفي إلى ما لا نهاية له، وله أجر كريم، وهو مقعد صدق عند مليك مقتدر.
٣١٤
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣١٢
يقول الحق جلّ جلاله : واذكر ﴿يومَ ترى﴾ أو : لهم أجر كبير ﴿يومَ ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نُورُهم﴾ وهو نور الإيمان في الدنيا، يكون هناك حسيّاً يسعى ﴿بين أيديهم وبأَيمانهم﴾ وقيل : هو القرآن، وعن ابن مسعود رضي الله عنه : يؤتون نورهم على قدر أعمالهم، فمنهم مَن يؤتى نوره كالنخلة، ومنهك كالرجل القائم، وأدناهم نوراً مَنْ نوره على إبهام رجله، يطفأ تارة ويلمع تارة.


الصفحة التالية
Icon