يقول الحق جلّ جلاله :﴿يأيها الذين آمنوا﴾ بالرسل المتقدمة ﴿اتقوا اللهَ﴾ أي : خافوه ﴿وآمِنوا برسوله﴾ محمدٍ ﷺ، المذكور في كتابكم، ﴿يُؤتِكم كِفْلَين﴾ نصيبين ﴿من رحمته﴾ لإيمانكم بالرسول ﷺ وبمَن قبله، لكن لا بمعنى أن شريعتهم باقية بعد البعثة، بل على أنها كانت حقاً قبل النسخ، وإنما أعطى مَن آمن بنبينا كفلين مع بطلان شريعته، لصعوبة الخروج عن الإلف والعادة، ﴿ويجعل لكم نوراً تمشون به﴾ يوم القيامة، كما سبق للمؤمنين في قوله :﴿يَسْعَى نُورُهُم...﴾ [الحديد : ١٢] الخ، ﴿ويغفرْ لكم﴾ ما أسلفتم من الكفر والمعاصي، ﴿واللهُ غفور رحيم﴾ ويؤيد هذا التأويل وأنَّ الخطاب لأهل الكتاب : قوله ﷺ :" ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين : رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بي... " الحديث. وقيل : الخطاب للمؤمنين، أي : يأيها الذين آمنوا اتقوا الله فيما نهاكم عنه، ودُوموا على إيمانكم، يؤتكم كفلين... الخ، ويؤيد هذا حديث الصحيحين :" مَثَلُ أهل الكتاب قبلنا كمثل رجل استأجر أُجراء يعملون إلى الليل على قيراط قيراط، فعملت اليهود
٣٣١