﴿وتشتكي إلى اللهِ﴾ أي : تتضرع إليه، وتُظهر ما بها من الكرب، ﴿واللهُ يسمع تحاورَكما﴾ مراجعتكما الكلام، من : حاور إذا رجع. وصيغة المضارع للدلالة على استمرار السمع، حسب استمرار التحاور وتجدُّده، وفي نظمها في سلك الخطاب تشريفٌ لها. والجملة استئناف، جار مجرى التعليل لِمَا قبله، فإنّ إلحافَها في المسألة، ومبالغتها في التضرُّع إلى الله تعالى، ومدافعته ﷺ إياها، منبئٌ عن التوقف وترقُّب الوحي، وعلمه تعالى بحالهما من دواعي الإجابة، أي : قد سمع قول المرأة وأجاب طلبتها ؛ لأنه يسمع تحاوركما. وقيل : هو حال، وهو بعيد. ﴿إِنَّ الله سميع بصير﴾ تعليل لِما قبله، أي : مُبالغ في العلم بالمسموعات والمبصرات، ومِن قضيته : أن يسمع تحاوركما، ويرى ما يقارنه من الهيئات، التي مِن جملتها : رفع رأسها إلى السماء، وإثارة التضرُّع، وإظهار الاسم الجليل في الموضعين لتربية المهابة، وتعليل الحكم بوصف الألوهية، وتأكيد الجملتين.
الإشارة : قد سمع الله قولَ الروح، التي تُجادل في شأن القلب ؛ لأنه مقرها ومسكنها، إن صلح صلحت، وإن فسد بحب الدنيا ومتابعة الهوى، فسدت، فهي تُجادل رسولَ الإلهام وتشتكي إلى الله من القلب الفاسد، والله يسمع تحاورهما وتضرعَها إن صدقت في طلب الحق، فيُجيب دعاءها، ويُقيض لها طبيباً يُعالجه، حتى ترجع لأصلها منه، إنّ الله سميعٌ بصير.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣٣٣
يقول الحق جلّ جلاله :﴿وَالَّذِينَ يَظَّهَّرُونَ﴾ وأصله : يتظهرون، فأدمغت التاء في الظاء، وقرأ عاصم : بضم الياء وتخفيف الظاء، مضارع ظاهر ؛ لأنّ كل واحد يباعد
٣٣٢


الصفحة التالية
Icon