الإشارة : ألم ترَ إلى الذين نُهوا عن الوقوع في أهل الخصوصية، والتناجي بما يسؤوهم ثم يعودون لما نُهوا عنه، ويتناجون بالإثم والعدوان، وما فيه فساد البين وتشتيت القلوب، ومعصية الرسول بمخالفة سنته، وإذا جاؤوك أيها العارف، الخليفة للرسول، حيَّوك بما لم يُحيك به الله، أي : خاطبوك بما لم يأمر الله أن تُخاطَب به من التعظيم، ويقولون في أنفسهم، لولا يُعذبنا الله بن نفعل من تصغيرهم، حسبهم نار القطيعة والبُعد، مُخلّدون فيها، فبئس المصير.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣٤٠
يقول الحق جلّ جلاله :﴿يا أيها الذين آمنوا إِذا تناجيتم﴾ في أنديتكم وفي خلواتكم ﴿فلا تتناجَوا بالإِثم والعدوانِ ومعصيتِ الرسول﴾ كفعل هؤلاء المنافقين، ﴿وتناجَوا بالبِرِّ والتقوى﴾ أي : بما تضمن خير المؤمنين، والاتقاء عن معصية الرسول ﷺ، أو : بأداء الفرائض وترك المعاصي، ﴿واتقوا اللهّ الذي إِليه تحشرون﴾ فيُجازيكم بما تتناجون به من خير أو شر، ﴿إِنما النجوى﴾ المعهودة التي هي التناجي بالإثم والعدوان، ﴿من الشيطان﴾ لا من غيره، فإنه المزيِّن لها والحامل عليها ﴿لِيَحْزُنَ﴾ بها ﴿الذين آمنوا﴾ بتوهيمه أنها في نكبةٍ أصابتهم، أو أصابت إخوانهم، او في الاشتغال بثلْمهم وتنقيصهم. ولهذا نهى الشارع أن يتناجى اثنان دون الثالث، لئلا يتوهم أنهم يتكلمون فهي. قال تعالى ﴿وليس بضارَّهم﴾ أن يتناجى اثنان دون الثالث، لئلا يتوهم أنهم يتكلمون فهي. قال تعالى ﴿وليس بضارِّهم﴾ أي : وليس الشيطان أو الحزن بضارهم ﴿شيئاً﴾ من الأشياء، أو شيئاً من الضرر ﴿إِلاّ بإِذن الله﴾ بمشيئته، ﴿وعلى الله فلتوكل المؤمنون﴾ فلا تُبالوا بنجواهم، فإنَّ الله تعالى يعصمهم
٣٤١
من شره وضرره، فيلكلوا أمرَهم إلى الله، ويتعوّذوا من شر الشيطان، فإنَّ كيده ضعيف.


الصفحة التالية
Icon