﴿يَرْفَعِ اللّهُ الذين آمنوا منكم﴾ بامتثال أوامره وأَمْرِ رسوله، بالنصر وحسن الذكر في الدنيا، والإيواء إلى غرف الجنان في الآخرة. ﴿و﴾ يرفع ﴿الذين أُوتوا العلمَ﴾ خصوصاً ﴿درجاتٍ﴾ عالية، بما جمعوا من أثريْ العلم والعمل، فإنّ العلم مع علو رتبته يزيد مع العمل رفعةً لا يُدرك شأوها، بخلاف العلم العاري عن العمل، وإن كان له شرف في الجملة، ولذلك يُقتدى بالعالِم في أفعاله فقط. وفي هذه الدرجات قولان، أحدهما : في الدنيا، في الرتبة والشرف والتعظيم، والآخر : في الآخرة، وهو أرجح. وعن ابن عباس رضي الله عنهما :" يرفع العالم فوق المؤمن سبعمائة درجة، بين كل درجة كما بين السماء والأرض "، ومثل هذا لا يُقال بالرأي. وتقدير الآية : يرفع الله الذي آمنوا منكم درجةً، والذين أُوتوا العلم درجات، وقيل :" درجات " يرجع لهما معاً، وتفضيل أهل العلم يؤخذ من خارج.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣٤٢
وعن ابن مسعود رضي الله عنه، أنه كان إذا قرأها قال :" يا أيها الناي افهموا هذه الآية، ولترغبكم في العلم ". وعن النبي ﷺ :" فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدرعلى سائر الكواكب "، وعنه ﷺ :" عبادة العالم يوماً واحداً تعدل عبادة العابد أربعين سنة " يعني الجاهل، وعنه ﷺ :" يشفعُ يومَ القيامة ثلاثةٌ : الأنبياء، ثم العلماء، ثم الشهداء "، فأَعْظِم بمرتبةٍ هي واسطة بين النبوة والشهادة، بشهادة رسول الله ﷺ، ويشمل الحديث العلماء بالله وبأحكام الله، وعن ابن عباس رضي الله عنهما : خُيّر سليمان عليه السلام بين العلم والمال والمُلك، فاخترا العلم، فأعطى المالَ والمُلكَ معه. وقال ﷺ :" أوحى اللّهُ إلى إبراهيم عليه السلام : يا إبراهيم إني عليم، أُحب كل عليم
٣٤٣


الصفحة التالية
Icon