وروى أبو الشيخ، بسند صحيح، عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله :﴿يمحو الله ما يشاء ويثبت﴾ قال :" ليلة النصف من شعبان، يُدبر أمر السنة، فيمحو ما يشاء ويُثبت غيره ؛ الشقاوة والسعادة، والموت والحياة ". قال السيوطي : سنده صحيح لا غُبار عليه ولا مطعن فيه. هـ. وروي عن ابن عباس : قال : إن الله يقضي الأقضية كلها ليلة النصف من شعبان، ويسلمها إلى أربابها ليلة القدر. وفي رواية : ليلة السابع والعشرين من رمضان، قيل : وبذلك يرتفع الخلاف أن الأمر يبتدأ في ليلة النصف من شعبان، ويكمل في ليلة السابع والعشرين من رمضان. والله أعلم.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٤١
وقوله تعالى :﴿حكيم﴾ الحكيم : ذو الحكمة، وذلك أن تخصيص الله كل أحد بحالة معينة من الرزق والأجل، والسعادة والشقاوة، في هذه الليلة، يدلّ على حكمة بالغة ؛ فأسند إلى الليلة لكونها ظرفاً، إسناداً مجازياً. وقوله :﴿أمراً من عندنا﴾ منصوب على الاختصاص، أي : أعني بهذا الأمر أمراً حاصلاً من عندنا، على مقتضى حكمتنا، وهو بيان لفخامته الإضافية، بعد بيان فخافمته الذاتية، ويجوز أن يكون حالاً من كل أمر ؛ لتخصيصه بالوصف، ﴿إِنا كنا مرسِلين﴾ بدل من ﴿إنا كنا منذرِين﴾.
و ﴿رحمةً من ربك﴾ مفعول له، أي : أنزلنا القرآن ؛ لأن من عادتنا إرسال الرسل باكتب ؛ لأجل إفاضة رحمتنا. ووضع الرب موضع الضمير، والأصل : رحمة منا ؛ للإيذان بأن ذلك من أحكام الربوبية ومقتضياتها، وإضافته إلى ضميره ﷺ لتشريفه وفخامته.


الصفحة التالية
Icon