وقا الواسطي : اخترناهم على علم منا بجنايتهم، وما يقترفون من أنواع المخالفات، فلم يؤثر ذلك في سوابق علمنا لهم، ليُعلم أن الجنايات لا تؤثر في الرعايات. وقال الجرّار : علما ما أودعنا فيهم من خصائص سرنا، فاخترناهم بعلمنا على العالمين. هـ. قلت : والمقصود بالذات : بيان أن اختياره - تعالى - مرتّب على سابق علمه الأزلي، وعلمه - تعالى - لا تُغيره الحوادث، وقد انقطعت دولة بني إسرائيل، فما بقي الكلام إلا مع الملة المحمدية.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٤٨
يقول الحق جلّ جلاله :﴿إِنَّ هؤلاء﴾ يعني كفار قريش ؛ لأن الكلام معهم، وقصة فرعون مسوقة للدلالة على مماثلتهم في الإصرار على الضلالة، والتحذير من حلول مثل حلّ بهم، ﴿لَيقولون إِن هي إِلا موتَتنا الأُولى﴾ أي : ما العاقبة ونهاية الأمر إلا الموتة الأولى، المزيلة للحياة الدنيوية، ولا قصد فيه لإثبات موته أخرى، كقولك : حجّ زيد
٥٢
الحجة الأولى ومات، أو : ما الموتة التي تعقبها حياة إلا الموتة الأولى، التي تقدّمت وجودنا، كقوله :﴿وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً فَأحْيَاكُمْ﴾ [البقرة : ٢٨] كأنهم لما قيل لهم : إنكم تموتون موتة تعقبها حياة، كما تقدمتكم كذلك، أنكروها، وقالوا : ما هي إلا موتتنا الأولى، وأما الثانية فلا حياة تعقبها، أوْ : ليست الموتة إلا هذه الموتة، دون الموتة التي تعقب حياة القبر كما تزعمون، ﴿وما نحن بمُنشَرِين﴾ بمبعوثين، ﴿فأتوا بآبائنا﴾ خطاب لمَن كان بعدهم النشر، من الرسول والمؤمنين، ﴿إِن كنتم صادقين﴾ أي : إن صدقتم فيما تقولون، فعجِّلوا لنا إحياء مَن مات من آبائنا بسؤالكم ربكم، حتى يكون دليلاً على أن ما تعدونه من البعث حق.