الإشارة : يوم الفصل هو اليوم الذي يقع فيه الانفصال بين درجة المقربين، ومقام عامة أهل اليمين، فيرتفع المقربون، ويسقط الغافلون، فلا يُغنى صاحبٌ عن صاحب شيئاً، ولا هم يُنصرون من السقوط عن مراتب الرجال، فلا ينفع حينئذ إلا ما سلف من صالح الأعمال، إلا مَن رحم اللّهُ، ممن تعلّق بالمشايخ الكبار، من المريدين، فإنهم يرتفعون معهم بشفاعتهم. وشجرة الزقوم هي شجرة المعصية ؛ فإنها تغلي في البطون، وتعوق عن الوصول، فقد قالوا : مَن أكل الحرام عصى الله، أحبَّ أم كرِه، ومَن أكل الحلال أطاع الله، أحبَّ أم كَرِه، فيقال : خُذوه فادفعوه إلى سواء الجحيم، وهي نار القطيعة البُعد، ثم صُبوا فوق رأسه من هموم الدنيا، وشغب الخوض والخواطر، ذُقْ إنك أنت العزيز الكريم، ولو كنت ذليلاً خاملاً لنلت العز والكرامة. وبالله التوفيق.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٥٥
يقول الحق جلّ جلاله :﴿إِنَّ المتقين في مقامٍ﴾ بضم الميم : مصدر، أي : في إقامة حسنة، وبالفتح : اسم مكان، أي : في مكان كريم، وأصل المقام، بالفتح : موضع القيام، ثم عمّم واستعمل في جميع الأمكنة، حتى قيل لموضع القعود : مقام، وإن لم يقم فيه أصلاً، ويقال : كنا في مقام فلان، أي : مجلسه، فهو من الخاص الذي وقع مستعملاً في معنى العموم، وقوله :﴿أمين﴾ وصف له، أي : يأمن صاحبُه الآفات والانتقال عنه، وهو من الأمن ضد الخيانة، وصف به المكان مجازاً، لأن المكان المخيف يخون صاحبه بما يلقى فيه من المكاره.


الصفحة التالية
Icon