قيل : نزلت في عمر رضي الله عنه حين شتمه رجل من غفار، فهَمَّ أن يبطشَ به، فنزلت. وقيل : نزلت في ناس من أصحاب النبي ﷺ كانوا في أذّى شديد من المشركين، قبل أن يُؤمروا بالقتال، فشكَوْا ذلك إلى النبيّ ﷺ، وعلى هذا تكون الآية مكية. وقال ابن عباس : لما نزل :﴿مَّن ذَا الَّذِى يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً﴾ [البقرة : ٢٤٥] قال فنحاص : افتقر رَبُّ محمد، فلما بلغ ذلك عُمر، طلبه بالسيف ؛ ليقتله، فنزلت، فوضع السيف، وقال : والذي بعثك بالحق لا يُرى الغضب في وجهي. وقيل : في شأن أُبيّ ابن سلول، رأس المنافقين، لَمّا قال في غزوة المريسيع : ما مثلُنا ومثل هؤلاء - يعني المهاجرين - إلا كما قيل : سَمِّنْ كلبَك يأكلك، فبلغ ذلك عمر، فاشتمل السيف، يريد التوجه إليه، فنزلت. وعلى هذا تكون مدنية.
﴿لِيَجزيَ قوماً بما كانوا يكسبون﴾ أي : إنما أُمروا أن يغفروا ليوفيهم جزاء مغفرتهم يوم القيامة. وتنكير (قوم) مدح لهم، كأنه قيل : لِيَجزي قوماً - أيَّما قوم، أو قوماً مخصوصين - بالصبر بسبب ما كسبوا في الدنيا من الأعمال الحسنة، التي من جملتها
٦٦
الصبر على إذاية الكفار، والإغضاء عنهم، بكظم الغيظ، واحتمال المكروه، ما يقصر عنه البيان من الثواب العظيم، ويجوز أن يُراد بالقوم : الكفرة، وبما كانوا يكسبون : سيئاتهم، التي من جملتها ما كانوا يؤذون به المسلمين.
﴿
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٦٦
من عَمِلَ صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها﴾
أي : لها الثواب وعليها العقاب، لا يكاد يسري عمل إلى غير عامله، ﴿ثم إِلى ربكم تُرجعون﴾ فيجازيكم على أعمالكم، خيراً كان أو شرّاً.


الصفحة التالية
Icon