﴿أمَّنْ هذا الذي هو جندٌ لكم ينصركم من دون الرحمن﴾، هو تبكيت لهم ينفي أن يكون لهم ناصر من عذابه غير الله، أي : لا ناصر لكم إلاّ الرحمن برحمته. " أم " منقطعة مقدرة ببل ؛ للانتقال من توبيخهم على ترك التأمُّل فيما يشاهدونه من أحوال الطير المنبئة عن تعاجيب قدرة الله تعالى إلى التبكيت بما ذكر من نفي نصرة غيره تعالى، والالتفات
٩٩
للتشديد في ذلك، و(من) : مبتدأ و(هذا) : خبره، و(الذي) وما بعده : صفتهن وإيثار " هذا " تحقيراً له، و(ينصركم) : صفة لجُند، باعتبار لفظه، و(من دون) : إما حال من فاعل " ينصركم " أو لمصدر محذوف، أي : نصراً حاصلاً من دون الرحمن، أو : متعلق بينصركم، كقوله :﴿مَن يَنصُرُنِى مِنَ اللهِ﴾ [هود : ٣٠]، والمعنى : بل مَن هذا الحقير الذي هو في زعمكم جند لكم ينصركم نصراً كائناً من دون نصرة الرحمن ؟ ! ﴿إِنِ الكافرون إلاّ في غرورٍ﴾ أي : ما هم في زعمهم أنهم محفوظون من النوائب بحفظ آلهتهم، لا بحفظه تعالى فقط، إلاّ في غرور عظيم، وضلال فاحش من الشيطان. والالتفات إلى الغيبة ؛ للإيذان بافتضاح حالهم، والإعراض عنهم، وإظهار قبائحهم، والإظهار في موضع الإضمار لذمّهم بالكفر، وتعليل غرورهم به.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٩٩