﴿فلما رَأَوه﴾ أي : العذاب الموعود. والفاء فصيحة مُعربة عن تقدير جملة، كأنه قيل : قد أتاهم الموعود فلما رأوه... الخ، نزّل ما سيقع بمنزلة الواقع لتحقق وقوعه، و ﴿زُلفةً﴾ : حال من مفعول " رَأَوه " أي : قريباً منهم، وهو مصدر، أي : ذا زلفة، ﴿سِيئَتْ﴾ أي : تغيرت ﴿وجوهُ الذين كفروا﴾ بأن غشيها الكآبة ورهقها القَترُ والذلة. ووضع الموصول موضع ضميرهم ؛ لذمهم بالكفر، وتعليل المساءة به. ﴿وقيل﴾ توبيخاً لهم، وتشديداً لعذابهم :﴿هذا الذي كنتم به تَدَّعون﴾ ؛ تطلبونه في الدنيا وتستعجلونه
١٠١
إنكاراً واستهزاءً، وهو " تفتعلون " من الدعاء، وقيل : من الدعوى، أي : تدعون ألاَّ بعث ولا حشر. ورُوي عن مجاهد : أنَّ الموعود يوم بدر، وهو بعيد.
﴿قل أرأيتم﴾ أي : أخبروني ﴿إِن أهلكنيَ اللهُ﴾ أي : أماتني. والتعبير عنه بالهلاك لِما كانوا يدعون عليه ﷺ وعلى المؤمنين بالهلاك، ﴿ومَن معيَ﴾ مِن المؤمنين ﴿أو رَحِمَنا﴾ باخير آجالنا، فنحن في جوار رحمته متربصون إحدى الحسنيين ﴿فمَن يُجير الكافرين من عذاب أليم﴾ أي : لا يُنجيكم منه أحد، متنا أو بَقينا. ووضع " الكافرين " موضع ضميرهم ؛ للتسجيل عليهم بالكفر، وتعليل نفي الإنجاء به، أي : لا بد من لحوق العذاب لكفركم، مُتنا أو بقينا، فلا فائدة في دعائكم علينا.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ١٠١


الصفحة التالية
Icon