قال ابن جُزي : وتفصيل ذلك : أنَّ رسولَ الله ﷺ جمع كل فضيلة، وحاز كل خصلة جميلة، فمن ذلك : شرف النسب، ووفور العقل، وكثرة العلم والعبادة، وشدة الحياء، والسخاء، والصدْق، والشجاعة، والصبر، والشكر، والمروءة، والتوءدة، والاقتصاد، والزهد، والتواضع، والشفقة، والعدل، والعفو، وكظم الغيظ، وصلة الرحم، وحُسن المعاشرة، وحسن التدبير، وفصاحة اللسان، وقوة الحواس، وحسن الصورة، وغير ذلك، حسبما ورد في أخباره وسِيرَه ﷺ، ولذلك قال :" بُعثت لأتمم مكارمَ الأخلاق "، قال الجنيد : سُمي خُلقه عظيماً ؛ لأنه لم تكن له همة سوى الله عزّ وجل. هـ. والخُلق : السجية والطبع. قال في القاموس : الخُلْق بالضم وبضمتين : السجية، والطبع، والمروءة والدين. هـ.
وعرَّف بعضهم حقيقة الخُلق، فقال : مَلكة للنفس، تصدر عنها الأفعال بسهولة، من غير فكر ولا رَوية، فخرج الصبر ؛ لأنه بصُعوبة، والفكرة ؛ لأنها تكون بروية، ثم ينظر في تلك الأفعال الصادرة عن تلك المَلكة ؛ فإن كانت سيئة، كالغضب، والعَجَلة، والكِبر، والفظاظة، والغلظة، والقسوة، والبُخل، والجُبن، وغير ذلك من القبائح، سُمي خُلقاً سيئاً، وإن كانت تلك الأفعال حسنة، كالعفو، والحلم، والجود، والصبر، والرحمة، ولين الجانب، وتحمل الأذى، سُمي خلقاً حسناً، الذي اتصف به صلى الله عليه سلم على أكمل الوجوه، ومَدَحه بقوله :" ما من شيء يوضع في الميزان أثقل من حسن الخلق، وإن صاحب حسن
١٠٦
الخلق يبلغ درجة الصائم القائم " وبقوله :" أفضل ما أُعطي المرء الخلق الحسن " في أحاديث كثيرة. وبالله التوفيق.